أعمالي, ذكرياتي, في العمل الرسالي

لا تثريب عليكم ج2 + هديّة كتاب

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أبي الزهراء محمّد وآل بيته الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم إلى قيام يوم الدين

في البداية، أبارك لكم جميعاً ذكرى عيد الغدير وهوَ عيد الله الأكبر، أعاده الله علينا وعليكم بدوام نعمة الولاية والعقيدة السليمة، وأسأل من الله أن يفرّج هموم جميع البشر في كل أنحاء العالم بحق هذا اليوم المبارك بإذنه تعالى. وهديتي لكم هيّ كتاب (قبسٌ من الغدير) لسماحة المرجع السيّد صادق الحسيني الشيرازي حفظه الله، تجدونه في هذا الرابط ( هنا ) وأرجوكم عند النقل ذكر المصدر، وقراءة ممتعة لكم بإذن الله. (طريقة رفع الكتاب للجهاز سواء كان Ipad,Iphone,Ipod)

××

” إن الله عزّ وجل بعث مُحمّداً صلى الله عليه وآله رحمة للناس، كلمة يعرفها الكثير من المُسلمين، ولكنّهم يرفضون أن تهبط رحمة الله على من ينافسهم في الفِكرة والعمل الشبابي!، نعم يا قرّاء حروفي كما أنّ هناك أناس رائعين في مجال العمل الشبابي فهناك أناس لا أعرف كيف أضع لهم تسميات، ها أنا ذا أعيد كلماتي، (العمل الشبابي ليس مدينة فاضلة)، ولكنْ تخيّلوا هناك من يحارب هذا العمل ويقول بأنّ فيه مفسدة لبعض الشباب وبعض الفاسدين يعملون به وهوَ يجلس في [قهوة] خلف [شيشة] ولا يعمل شيئاً سوى أنّه يشتم هذا وذاك وينفخُ دخاناً مليء بأحقاد غريبة، حقيقةً هذا أمرٌ مؤلم، فإذا ما كُنت تريد الانتقاد فليكن انتقادك بنّاء، وفكّر في رحمة البشر –إذا ما كُنت ذا سلطة- فهُم في نهاية المطاف إخوانك في الإنسانية، وإذا ما كانوا يحاولون أن يكونوا في عمل شبابي فهُم في بداية طريق إصلاح الذات فساعدهم ولا تهدمهم “

××

في بدايات عام 2005 كان أوّل مخيّم لي مع شباب الرضوان وكنت عضواً في اللجنة الإعلامية الخاصّة بالمخيّم الربيعي، وقبل رحيلنا إلى أرض المطلاع في شمال دولة الكويت حيث المساحات الشاسعة من الرمال، وأذكر أنّي أخذت في سيّارتي العزيزة الـ Envoy الطابعة والكمبيوتر وبعض المُعدات التي تنقص المخيّم وكان الشباب تركوا هذه الأشياء في مكتبة الرسول الأعظم (ص)، وهنا كان أوّل احتكاك مع الشاب م. ب. حيث أنني أخذته معي في الطريق إلى المخيّم برفقة ابن عمّه ح. ب. وكانت لحظات صعبة بالنسبة لي فهي التجربة الأولى بعد التجربة الضخمة التي مررت بها، تلك التجربة الرائعة في مؤسسة الرقيم الشبابية، والطريق كان بسيطاً سالكاً لم تكن هناك عقبات سوى لحظات الجوع الغريبة التي كانت تجتاحنا في السيّارة وكنّا نأكل البطاطس بشراهة وبعض قطع من الـ KitKat.

عند الوصول كان المنظر رهيباً، فما يقرب الـ 250 إنسان يلعب في الساحة ويتهامسون –للعلم فقط كان هذا المخيّم في نفس أيّامنا هذه أيّام ذكرى عيد الغدير الأغر- وبعضهم كان يحاول إيجاد أشخاص فقدهم منذ العام الماضي، وهنا شاهدت لأوّل مرّة التوأمين الرائعين ع. ح. وع. ح. وهُم في قمّة التفاني لتركيب السمّاعات وتعديل بعض الخيام، وشاهدت قائد المُخيّم المُدوّن الزميل ج. م. وهو يقود هذه العمليات لمحاولة الإنتهاء من التشطيبات في الموعد المناسب لإنطلاق فعّاليات حفل الإفتتاح، وأنا إلى الآن لم أشاهد صديقي وأخي م. ش. الذي هوَ قائد لجنتي، هنا بدأت بالتساؤل وكان تواصلي مُقتصراً على ف. ب. وح. ب. ولم أكن أعرف أحداً آخر.

وانطلق المخيّم بكل رونق وهدوء وكُنت أعد العدّة لإيصال اللجنة الإعلامية إلى برّ السلامة، في نهاية المخيّم، وكما العادة فإنّ أصعب اللجان إدارة في المخيمات الشبابية هي اللجنة الإعلامية واللجنة الرياضية فهما لجنتان تحت المجهر، وكل شاردة وواردة تكون علنية فيكون هناك إنتقادات عنيفة في بعض الأحيان، أذكر في ذلك المخيّم كان الصديق س.ح. هوَ من يقود هذه اللجنة ومعه مجموعة شباب طيّبين، ولعبت بعض المباريات وكُنت مشهوراً بلباسي الأحمر بالكامل من الرأس إلى القدم!.

أوّل المشاكل التي ظهرت لي في هذه اللجنة هي عدم وجود كُتّاب يرسلون المقالات لي لأضعها في المخيّم فكنُت أحاول سرقة مقالات من أيديهم!، لهذه الدرجة كانت الأوضاع غريبة، كان مكان اللجنة الإعلامية (خلف المسرح الرئيسي) لذا فأنت مُغيّب عن كلّ الأحداث ولا يمكنني مشاهدة المباريات إلا ما قلّ وندر، والحديث مع البشر كان قليلاً فكما قلت لكم معارفي قليلة جداً، ولديهم مهام عديدة في المخيّم، فـ ف. ب. كان في طاقم مخيّم الشبيبة وح.ب. كان تحت قيادة س. ح. ش. في لجنة الخدمات، في تلك اللحظات الموحشة كان كثيراً ما يقوم ح. م. بمضايقتي بكلمات غريبة مثل (حالف تقعد هني طول فترة المخيّم) وكُنتُ كثيراً ما أتلاعب بهاتفي سواء بإرسال SMS أو بكتابة بعض الخواطر فيه وكان يقول (يعني ما تبي تسولف معانا) حقيقةً منذ تلك اللحظة دخل ح. م. في حياتي، فهوَ الإنسان الذي حاول في تلك الفترة أن يجعلني أبقى في هذا الكيان لأطول فترة ممكنة، وأيضاً أذكر تلك اللحظة التي شعرت فيها باليأس وانتهى حِبر الطابعة وبدون الحبر لا يمكن طباعة المجلة، فأخذ على عاتقه عهداً أن لا أكون حزيناً في هذا المخيّم ورجع إلى حولي لشراء الأحبار اللازمة، وهناك بين الأوراق والكمبيوتر وجدت صديقي ونَسيبي م. ن. فدُخوله في حياتي كان من باب تخفيف الضغط على شاب كان يجلس وحيداً يُمسّى (حسين المتروك) وكتب مقالاً جميلاً وضعته في المجلة.

ولازلت أذكر في تلك اللحظات كُنت أمتلك شعراً طويلاً مُلاحظاً من كافة الأماكن في المخيّم، وفي أحد الصباحات تمّ تشغيل الصوت عبر مكبّرات الصوت وبقوّة فخرجت من الخيمة وعيني مُغمّضة وأنا أصرخ ولا أعلم ماذا أقول وكان أمامي حبيبي م. وكان ما كان من الكلمات بيننا، والخبر المُهم في هذه اللحظة أنّ السماعة انقطع (الواير) الخاص بها، ومنذ هذه الحادثة وفي تلك الأيّام ما إن أمر بجانب سمّاعة إلا وتتوّقّف عن العمل!، حتّى أننا في زيارة لمُخيّم الغدير وبعد الصلاة جلست بجانب السماعة الجانبية وتوقّفت عن العمل!، فأصبحت مشهوراً في المخيم بسبب السمّاعات.

وشارك الشباب في مسابقات شاملة في مخيّم الهُدى وكسب بعض الشباب مراكز أولى في الخطابة والإرتجال والقرآن الكريم، هنا أذكر أنني كنت أبحث عن م. وذهبت إلى مخيّم الهدى لأجده هناك وقال كلمة من باب المُزاح لكنّه ضايقني فابتعدت عنه ورجعت إلى المخيّم حزيناً، إلا أنّه عرف كيف يراضيني.

في هذا المخيّم تعرّفت على أخ وصديق وحبيب له مكانة كبيرة في قلبي إلى اليوم، كان عضواً في اللجنة الرياضية وكان مميّزاً بحضوره وهيبته على الرغم من صغر سنّه مقارنة بعمري فهو يصغرني بعامين، هوَ ع.ص. هذا الإنسان المبدع والمميز في حياتي حاول مد جسور الصداقة والترابط فيما بيننا في المخيّم ولكن بهدوء وحكمة.

في ذلك المخيّم تحصّلت مع فريقي على المركز الأوّل في لعبة كرة القدم!، كنت حارساً آنذاك، وفعلاً لا أذكر من كان في فريقي من الشباب للأسف لأنني لا أهتم بهذه الأمور، ولكن الأمر العجيب هوَ ما حدث في آخر يوم، عندها وكعادتي وكرهي لحالات الفراق من المخيّم كنت جالساً في سيّارتي والدموع تغمرني فباغتني صديقي ح. م. وسحبني إلى داخل الخيمة للبرنامج الختامي وكان يُسمّى جلسة صراحة وجلست وظهري مُسنداً على عامود الخيمة وم. يقف بجانبي وأستمع إلى كلمات الشباب وآرائهم حول المخيّم وكان يقود هذا البرنامج قائد المخيّم ج. م. وكان الشباب عموماً ينتقدون لجنة من اللجان ويحاولون تقديم النصائح للعام القادم، وحاولت إلتزام الصمت لولا صديقي م. الذي شجّعني على الوقوف وتقديم النقد للجنة من اللجان، ولكنّي قدّمت مفاجئة من العيار الثقيل، فقمت بانتقاد جميع اللجان وانتقد قائد المخيّم حتّى! فانصدم الشباب، كيف يمكن لشاب في السنة الأولى بجمع هذه الإنتقادات وسردها على الملأ!، أعتقد أنّه هناك من أعجب بطريقتي منذ تلك اللحظة!.

عُدنا في اليوم الأخير صباحاً بعد أن ذهب الجميع بالباصات، وكُنّا مجموعة تتكوّن من هـ.ش.– ح.م. – س.ح.ش. – حسين المتروك – ع.ح. – ع.ح. سيّاراتنا مُتتابعة، وقام أحدهم بمضايقة أحدنا فوقفت جميع السيارات! لنصرة هذا الصديق.

في ليل ذلك اليوم اتّصل عليّ ح.ب. وكان يريد الذهاب لـ مُخيّم الغدير وذلك لبطولة كرة الطائرة التي انتصر فيها فريقنا ووصل إلى المرحلة النهائية، وطلب منّي أن آخذ معي كلّ من ف.ب. وع.ص. وذهبنا في رحلة ممتعة تعرّفت فيها على ع.ص. بشكل أكبر وعرفت أطباعه وعرف بعضاً من أطباعي وجنوني، وما إن وصلنا حتّى لعبنا مباراتنا النهائية وفاز فيها فريقنا بقيادة الكابتن س.ح.ش.، وإلى اليوم أنا أفتخر بتلك اللحظات التي تمكن فيها الشباب من نيل البطولة بعرق جبينهم وكان من ضمن الفريق ع.س. وم. وح.ب. وم.س. ولا أذكر البقية للأسف.

بعدها انطلقت حياتي في الرضوان بكل هدوء على الرغم من قلّة صداقاتي وقتها إلا أنّها كانت مميّزة جداً وساعدتني على بناء شخصيتي التي دخلت فيها في الأجواء.

××

الأسبوع القادم- الخميس – :

         – الهيئة الأسبوعية غريبة!.
         –
تذهب للسينما، أنت فاسق.
         – وخّر عن المتروك تراه يخرّب شباب.

ذكرياتي, في العمل الرسالي

لا تثريب عليكم – الجزء 1

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أبي الزهراء محمّد وآل بيته الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم إلى قيام يوم الدين.

قبل العودة لكتابة الكلمات في مذكراتي في العمل الشبابي، أعتذر عن الغياب لمدّة أسبوعين وذلك لظروف كثيرة لا يعلمها إلا الله، والحمدلله تمكّنت من تخطيها بنجاح بفضل دعائكم ومنّ ربّ العباد علينا، وأعود معكم في هذه السلسلة بعد ثلاثية مؤسسة الرقيم الشبابية، في هذه السلسلة، أتمنّى لكم قراءة ممتعة.

“في مجال العمل الشبابي في الكويت هناك وللأسف من يعتقد بأنّه الوحيد الذي يمثّل هذا العمل!، بل وهوَ المُنفرد في أدائه الجبّار، ولكنْ الحقيقة أيها العالم .. كل فرد شاب لديه إحساس كبير بالمجتمع والبيئة المُحيطة بإمكانه خلق عمل شبابي جميل، وهناك من يعتقد أنّه هوَ العمل الشبابي فقط، لذلك لا تنصتوا إلى هذه الأصوات فهي نشاز، ولكنْ انتبهوا هناك مجموعة كبيرة خيّرة مِن مِنْ يمثلون هذا العمل، وأعتقُد شخصياً أنّهم من السفراء لهذا العمل الرسالي الشبابي، فلا يمكن أن نجد مجتمع متكامل بالفساد، ولا يمكن أن نجد مجتمع متكامل بالفضيلة”

في عام 2004 كانت هناك نقلة نوعية في حياتي، وعودة لمجال العمل الشبابي عبر بوابة أخرى وتُعتبر من البوابات الكبيرة في هذا الوسط والتي لها لها تاريخ عميق وثقيل أيضاً، فبعد توّقف لفترة سنتين تقريباً وسفري إلى دولة مصر العربية الشقيقة –قد أذكر لكم التفاصيل لاحقاً- في تلك الفترة والتي كانت فترة تصفية حسابات بالنسبة لي!، وفترة تغيير الأوضاع وبناء شخصية متكاملة تعتمد على نفسها لتعطي للمجتمع وتتمكن بعدها من التعاون بشكل كلّي، وكانت فترة الاقتناص كما يمكننا تسميتها، ففي تلك الفترة كان صديقي وأخي ح.ب. هوَ من تبقّى لي في مجال العمل الشبابي، فقد كان يحضر في مخيّم الرسول الأعظم (ص) – الرضوان وهذا الأمر لم يكن جديداً بالنسبة لي ولكن آلية الدخول لم أفكّر فيها في ذلك الوقت ولم أكن متحمّساً للدخول في معترك الساحة الشبابية مُجدداً فقبل سنتين فقط خرجت من ساحة مُثخنة بالجراحات والدماء!.

في ذلك العام وفي منتصفه قام صديقي ح.ب. بربطي مع صديقه الذي أصبح صديقي –للأسف حالياً هوَ مُختفي- ف.ب. هذا الإنسان الطاقة والرائع في تعاملاته ولا أنسى إبداعاته المُختلفة في مجال تصميم المجلات التي تطبع في الهيئات الشبابية، والأمر الأكثر من رائع في تلك الفترة أنني دخلت في هذا الكيان عبر [الإنترنت] فشاركت في منتديات الرضوان بهدوء وفي بعض المواضيع، وكنت في تلك الفترة نشيط جداً في مجال المنتديات وساحات النقاش الشبابية والمواضيع الخاصّة بالشباب، وكان ف. يعطيني الكثير من الدوافع للكتابة والمحاولة والدخول في النقاشات، كان يمتلك أسلوباً عظيماً في تعامله معي شخصياً، لذا من هذا المكان أخبرك يا ف. أنّك لا تزال في القلب.

أما الانتقال الفعلي والعملي كان عن طريق م.ش. الذي طلب من صديقي ح. أن يحاول إقناعي لسد الفراغ الذي أحدثه ع.ب. –بالمناسبة هوَ أخ لفيصل- بعد سفره إلى الولايات المُتّحدة الأمريكية لاستكمال دراسته، ولم أكن أعرف هذا الولد في تلك اللحظات، ولكن ما اكتشفته عنه أنّه كان [الدينمو] للّجنة الإعلامية المتواجدة في مؤسسة الرضوان الشبابية، وهذا ما جعلني أُقدم على هذا التحدّي الجديد في حياتي، قد أكون متهوّراً وأقبل بعض التحدّيات والحمد لله لا أقبل تحدياً إلا إذا كانت لدي الرغبة والمعرفة، وكان الحائط الأوّل الذي كان من واجبي تخطيه هوَ إعلامية المُخيّم الربيعي.

حاولت في ذلك الوقت تجميع أكبر قدر من المعلومات حول هذه المؤسسة التي سأعمل فيها وبين أطرافها كما هوَ واضح لي ولبعض الشباب الذين كانوا يتابعوني، وعرفت أنّها من المؤسسات التي تتبنّى منهج المرجع الراحل السيّد محمّد الحسيني الشيرازي قدّس سرّه  وأنّ هذه المؤسسة لها باع طويل وعمرها أكبر من عمر مؤسسة الرقيم التي كُنتُ فيها سابقاً، وظاهراً هي تمتلك تنظيماً جميلاً يقود هذا العمل للمحاولة للوصول للكمال، ولديهم عدد لا بأس به من الشباب الذين تحاول المؤسسة تطوير قدراتهم وطاقاتهم المكبوت منها والظاهر منها.

ما قبل المخيّم يمكننا أن نسمي هذه الفترة هي فترة التحضيرات، وكان يرأس اللجنة الإعلامية التي سأكون فيها في عام 2005 هوَ م.ش. وأولى مفاجآت هذا الرئيس هي أنّه لن يحضر الاجتماع الأوّل الذي يجب أن نحضره نحن ممثلين اللجان لأنه وعلى ذاكرتي هناك زيارة خارجية من السعودية أو من البحرين بعض الشباب يريدون رؤية ماذا تمتلك هذه المؤسسة في مجال التخطيط لعمل كمخيّم، والجميل هنا أنني كُنت مُمَثّل اللجنة الإعلامية في هذا الاجتماع ولم أكن أعرف شيئاً عن اللجان الإعلامية في مؤسسة الرضوان الشبابية فهي مختلفة كما كُنت ألاحظ!، فبدأت حديثي في الفترة المُخصصة للجنة الإعلامية بالحديث عن المُخيم بطريقة سيئة وتلعثمت كثيراً، فلم يكن لدي الكثير من المعلومات التي يجب أن ننفّذها في المخيّم، أو ابتكارات سابقة!، فما يوجد هنا يختلف كثيراً، ولا زلت أذكر كلمة م.ح. عندما قرر بداية كلمته حول لجنة البقّالة افتتح كلمته بـ ألف الصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين وكادت الضحكات تنفجر من وجوه الحاضرين جميعاً!، فهذه الكلمة مُتعارف عليها في الكويت بطريقة أخرى مقاربة جداً تُقال في الأعراس، المُهم هوَ أنني بدأت بمعرفة الشباب وقاد هذا الاجتماع على ذاكرتي هـ. ش.

الأمر السيئ هوَ أنني لم أكن أعرف أعضاء للجنة الإعلامية سوى م. وأنا! وهذا الشيء قادني للجنون قبل البداية فلم أكن أعلم سوى أنني سأكون مُصمّماً للجنة الإعلامية وأنّ هناك طاقم يكتب المقالات ويجمّع الصُوَر، أينَ هُم الآن لستُ أدري!، ولم أعرف الكثير من الشباب في تلك الفترة التي كانت بالنسبة لي هي فترة التحضير وقراءة الأوضاع، وكان صديقي ح. وصديقي ف. هُم من يحاولون تثبيتي في هذه المؤسسة وهذا العمل، قد يكون ح. حاول لعلمه بخبراتي السابقة وقد يكون ف. حاول لعمله بأعمالي التصميماتيه، فلم أكن أحاول التقرّب من الشباب وفي عقلي كان هناك رغبة بالبقاء فقط فترة المخيم وترك هذا العمل للأبد، فبعد مؤسسة الرقيم لا يوجد عمل حقيقي ومنظّم بشكل يرضي الطموحات، فما شاهدته إلى الآن لا يرضي طموحي هوَ فقط يعطيني رغبة بالتعرّف على بعض الأصدقاء الجيدين بعد خسارتي لمجموعة كبيرة من الصداقات التي وللأسف كان بعضها فاسداً وبعضها الآخر كان مُنشغلاً، وهذا الهدف المُبطّن لم أعلنه لأحد سابقاً فهوَ لم يتحقق، في تلك الفترة صنعت لنفسي جداراً حديدياً لا يمكن كسره، فصداقاتي حدّدتها بعدد لا يتعدّى اليد الواحدة في هذه المؤسسة مبدئياً، ولم أكن أتحدّث عن المؤسسة وكان جُلّ اهتمامي هوَ اللجنة الإعلامية في المخيم وماذا سأصنع فيها!، هل حقّاً سأكون مُصمماً فقط؟ فما عرفته حتّى وقت قريب من المخيم هوَ أنّ المؤسسة تمتلك كمبيوتراً سيساعدني على العمل ولكن من الأفضل أن أحضر جهازي الـ Laptop لكي أعمل بأريحية.

ودخل المخيّم فجأة كما هي عادته، ولم أكن اجتمعت من رئيس اللجنة سوى مرّتين! ولم أتمكن من اكتساب شيء مفيد للجنة من تلك الاجتماعات سوى أننا على أتمّ الاستعداد “وارقد وآمن يا بوعلي” في ذلك المخيّم كانت الأحداث كثيرة!، فالمكان المُخصص للجنة الإعلامية غريب بعض الشيء!، وهناك في تلك البقعة في المطلاع تعرّفت على أحد أسباب بقائي في مؤسسة الرضوان، وتعرّفت على سبب من أسباب تغيّر حسين المتروك إلى الأبد، تعرّفت إلى عدد لا بأس به من الإخوان الذين يصَحِحون أخطائي ويساندوني إلى اليوم، والأمر الأكثر من رائع هوَ أنني تعرّفت على أحد أسباب زواجي وبشكل غريب جداً!، وتحدّثت في كلمة طويلة جداً وانتقادات وزّعتها هنا وهناك في وقفة شهيرة في آخر لحظة من المخيم! ..

يتبع الأسبوع القادم ..
الخميس ..

ذكرياتي, في العمل الرسالي

رحمة الرّب – مذكرات – ج3

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أبي الزهراء محمّد وآل بيته الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم إلى قيام يوم الدين.

لا تَعتَقِد أنّ جميع من في العمل الشبابي هُم واجهة الإسلام وواجهة الشباب في هذا العمل، فعلى الرغم من احتكاكهم بمجموعات شبابية كثيرة، والكثير من هذه المجموعات يكون فيها شباب مؤمنين إلا أنّ هذا الفرد قد لا يرغب بتحصين نفسه وتطوير ذاته من خلال هذا العمل، لا تُصدَم إذا ما شاهدت شخص يكون في هذا العمل ولديه أخطاء علنية، بل حاول وساعده لإصلاح هذه الأخطاء وتحويلها لإيجابيات يمكن استخراج طاقّة فعّالة منها، فالمُجتمع ككل مسؤولية كل إنسان يعتقد أنّه يمكنه تقديم النصيحة بشروطها وطرقها المشروعة.

(6)

لا أنسى تلك اللحظات الكثيرة في مؤسسة الرقيم الشبابية فالكثير منها قد يكون مجهول بالنسبة لمن هوَ خارج هذا العمل، وقد يكون بسيط هذا العمل برأي البعض، ولكنّه جبّار جداً، وقدّم للمجتمع الكثير من الشباب المميزين، وتمكن القادة في المؤسسة من تحويل هذه الطاقات لمصلحة الجميع وعدم احتكارها في قسم معين وطريق مُخصص، فلازلت أذكر معارك هاني الشريف وعبدالله زكريا ضد الرائع د.ياسر الرمضان عندما كنّا في طريقنا للعب كرة القدم (على وجه الخصوص) وكانت هذه المعارك تخص الصوتيات وكيف كان البعض يؤيّد الاستماع إلى الرادود باسم الكربلائي والبعض يؤيّد أن نستمع إلى الرادود صالح الدرازي وهذه كانت بعض الحروب الصغيرة وغالباً ما كان ينتصر أنصار اللطم الكربلائي، ولكن الحريّة دوماً وأبداً كانت متوفرة ولا تجد من يحاربك لأنّك تستمع إلى رادود معيّن، والأجمل من هذا كلّه أنّه كانت الكثير من الليالي كنت أذهب إلى الحُسينية الكربلائية برفقة الشاب عبدالله الخضاري وبرفقتنا كلٌّ من يوسف حبيب ابن خالتي– وعلي حبيب ابن خالتي– وعلي خليل ابن خالتي– وكنّا نلتقي بأصدقائنا الذين حضروا برفقة الشيخ حسن البلوشي وكانوا هُم المجموعة القريبة لي وكنت أتمنّى لقاءهم في جميع الأوقات، إلا أنّ تقسيم الهيئات كان يحول دون ذلك قبل الالتحاق بهيئة حسن البلوشي، ولازلت أذكر قصيدة (شفت بالنار خيمة مستعرة وذكرت الدار وفاطمة الزهرا) في تلك الأجواء الروحانية والجميلة وليالي محرّم العظيمة.

نعم هناك حروب داخلية، فقد كانت هناك رغبات بكسب أكبر عدد من الأصدقاء، وكان كلّ شخص لديه اهتمام بمجموعة معيّنة، فكنت أشاهد أحدهم يهتم بمجموعة من (الخربانين) وآخر يهتم (بالمميزين) والجميع يحاول أن يؤدي ما يرضي ضميره ولو بشكل بسيط.

قبل أن أنهي هذه اللحظات أذكر أنني في مرّة من المرات حضرت (محفل قرآن) كان يقام في مبارك الكبير في أيّام شهر رمضان المبارك، وكنت أشعر بالملل الشديد، وللأسف لا تسعفني ذاكرتي لتذكر اسم الأستاذ الرائع الذي كان يدير المحفل، ولكنّه وجّه سؤال غريب بعض الشيء لي بعدما أنهيت قراءتي، وقال لي: “لماذا أنت هنا؟” ولازلت أذكر ذلك الجواب “لأني أبي الوقت يمشي!” وساد الصمت بعدها في القاعة واستكمل هوَ القراءة!، حقيقة قد أكون اكتشفت في تلك اللحظة أنّي صريحٌ بعض الشيء!، ولم أكن أرغب بأن أكون فظاً مملاً، ولكنّ الجواب كان قاسياً بعض الشيء، إلا أنّ هذا الأستاذ تعامل مع الموقف بكل هدوء وابتسامة بسيطة أعادتني إلى رشدي، ومنذ تلك اللحظة وأنا أحاول أن أكون جاداً في المواقف التي تتطلّب الجديّة.

محاولاتي الأولى في الكتابة الجادّة بعيداً عن القصص والروايات وقد تكون هي ما قبل القصص فأنا فعلياً لا أتذكر هذا الأمر بشكل جيّد ولكن الكتابة عن مؤسسة الرقيم ساعدني على تذكّر بعض الأمور، فالمؤسسة كانت تمتلك مجلة شهرية تصدر كل شهر، وكانت بلون واحد فكنّا في كلّ مرّة نختار اللون فتارة نجدها زرقاء وتارة نجدها حمراء أو سوداء وهكذا، وكانت تحمل اسم مجلة الذكر وكانت توزّع في المساجد والحُسينيات وهي نشاط أحبّه كثيراً، قد يكون نشاطاً مُكلفاً إلا أنّه مميّز جداً ويعطي دفعة قويّة لأي شاب في الساحة، وكانت المقالة الأولى ملطوش نصفها من مجلة العربي أحبها كثيراً– ونصف آخر محاولة للكتابة، والمفاجأة وعلى الرغم من علم الشباب القائمين على المجلّة بأن الموضوع نصفه مسروق! إلا أنّهم عرضوه وخط اسمي تحته! كان الأمر مُخجلاً كثيراً، فعاهدت نفسي على المُحاولة، وكانت التجربة الثانية مع الكتابة عن هدّاف كأس العالم 1998 هاكان سوكور الكرواتي، وجمّعت بعض المعلومات وقمت بالربط وأرسلتها للصفحة الرياضية وعُرِضَت لي هذه المقالة، وكانت الانطلاقة نحو البحث المُجد حول المعلومات الصحيحة الموجودة، الأمر المؤسف هوَ أنني كنت أمتلك بعض النسخ من المجلة إلا أنني الآن لا أجد هذه النسخ، إذا ما وجدتها سأضعها لكم.

(7)

المُخيم الأخير هوَ أكثر المخيّمات –في مؤسسة الرقيم– قرباً لي، قد يكون هذا الأمر بسبب أنّه الأخير، وأحداثه الأخيرة تركت فيّ شيء لم تتمكن الأزمان من محوها، في هذا المُخيم كُنت قد عُيّنت كـ كادر مخيّم الشبيبة وهذا الأمر كان خطيراً وجديداً بالنسبة لي، فأن تكون كادراً يعني أن تكون مسئول وهذا أمر كبير بالنسبة لي، فمنذ اللحظة الأولى شعرت بالخطر وثقل هذه المسؤولية، وقد يكون الحدث الأهم هوَ أنني عاندت وكما نقول في الكويت (ركَبْتْ رَاسي) وقد قمت برفع صوتي والصراخ على المسئول عن الشبيبة في ذلك الوقت عبدالله خضاري واتّخذ قراراً بإرجاعي إلى المنزل بعد كل هذا الشغب الذي كنت قد قمت بقيادته وكان هناك سيلاً من كلمات التوبيخ والقريبة جداً من الشتم! وكيف أنّه ترك الحبال جميعاً وأنا قمت بتدمير هذا الصرح الجميل! وكنّا في منتصف الطريق وإذا باتصال يأتيه عبر هاتفه الذي كان في ذلك الوقت – نوكيا تايغر – طبعاً أذكر هذه التفاصيل لأنني كنت أبكي في السيارة! رغبة بالعودة إلى أسوار المُخيّم، وهذا الاتصال العظيم الجميل أعادني إلى أرض المخيّم وكان العم بوعلي جمال البلوشي هوَ الطرف الثاني في المكالمة، وكان هوَ إن لم أكن مخطئاً القائد العام وقراره يلغي جميع القرارات، وكان طريق العودة صامتاً، بسيّارته الباجيرو – معلومة مباغته أتركها هنا لكم، أخطر حادث حصل لي في حياتي كان بهذه السيّارة في ليلة السابع من المحرّم وقد يكون هناك مجال آخر أذكر لكم فيها التفاصيل – العودة بالنسبة لي كانت مفاجئة فما فعلته يُعد لدى البعض خرقاً لجميع القوانين (الاحترام، الاحتراف، التعاون، .. ) إلا أنّ المفاجئ هوَ أنّه فور ما دخلت السيّارة إلى داخل السور [ نعم لقد كان المُخيّم هذا في إحدى المزارع وكنّا –الشبيبة- ننام في شاليهات مُقسّمة، والكبار كانوا ينامون في خيمة كبيرة ] حصلت مفاجأة كبيرة لي، وهي أنّ الشبيبة كلّهم بانتظاري ويهتفون بهتافات تُطالب بعودتي واستقبلني العم الكبير بوعلي بالأحضان، وقام الشبيبة بحمل أغراضي وأخذها لمكان نومي ومنهم موسى البلوشي ومحمّد سامي وغيرهم ممن ذكرت أسمائهم في التدوينات السابقة، حقيقة كانت بالنسبة لي صدمة، فهل أنا أمتلك جماهيرية بهذا الشكل هنا؟! وبعدها بدأ الأوضاع تتحسّن كثيراً فهذه العودة شكّلت قوّة لي، فأصبحت بطلاً جماهيرياً، فكان البعض يستمع إليّ ولم يكن يستمع للقائد العام!، وهذا شكّل صدعاً كبيراً بيني وبينه.

في ليلة من ليالي المُخيم ضاع أحد الشباب وكان شبة مجنون ولكنّه فعلياً ضاع!، فهو غير موجود داخل السور!، وأذكر أنّي أثرت الهلع في أرجاء المُخيم وبدأ الكل بالركض بحثاً عن هذا الشاب، ووجده محمّد النجّار قرب الأشجار – إن لم أكن مخطئاً – وكان هذا الأمر مليئاً بالعواطف، فالكل كان خارجاً للبحث عن هذا الشاب فهو صديق الجميع، ولا يحب أحد أن يضيع هذا الولد.

(8)

النهاية كانت مؤلمة جداً، فقبل العودة من المخيّم وكالعادة كان آخر يومٍ بالنسبة لي مليئ بالبكاء والدموع – لم أكن أعلم بأنّها المرّة الأخيرة التي سألتقي بها بهؤلاء الشباب – وقد تعيدني هذه المدونة إلى بعضهم فحقيقة أفرح كثيراً عندما أسمع من (ابن خالتي) بعض المعلومات حول تلك الأيّام، فعبر هذه الطريقة كنت أعلم بأنّه تفاعل فعلياً مع ما كُتب هنا، وقد أصل إلى الكثير منهم عبر هذه التدوينات فما أنا إلا باحث، ولكن كل ما أعرفه أنّني إلى هذا اليوم أحترق ألماً بعد هذا الفراق الذي حصل.

الفترة الأخيرة كانت فترة الاحتضار، فكان أحد القادة وأترفّع عن ذكر اسمه يطالبنا بعدم الذهاب إلى مجالس اللطم والبكاء على الحُسين (عليه السلام) لأنّها مجرّد طقوس من وجهة نظره ولا تزيد فينا شيء، وهي مجرّد عواطف لا ثقافة فيها!، وفي مرّة من المرّات أصر على عدم ممارسة شعيرة التطبير واللطم فكان منّا أن علّقنا نشاطنا بشكل جماعي في هذه المؤسسة وتوقّفت بعدها الحياة في هذه المؤسسة، فلم يكن الشباب وعلى الرغم من صغر سنّهم سُذّج إلى هذه الدرجة، فهذا الإنسان له مواقف كثيرة لم تكن (مضبوطة) وبدأ بعض الشباب بتأييده، ولكي لا نشارك في هذا الأمر قررنا في آخر اجتماع الخروج من الاجتماع بشكل جماعي وعلني لكي نوقف هذه المهزلة التي كادت تكون أكبر مما كانت.

(9)

أترككم الآن مع مجموعة من الصور التي وجدتها في خزانتي وكانت من سفرة إيران عام 1998م، ويظهر فيها العديد من الشباب.

 

(10)

أترك هذه الكلمات للتاريخ، حقاً أنا أشتاق هذه الأيام وعلى وجه الخصوص أيّام مؤسسة الرقيم الشبابية وأيّام العلاقات المُعقّدة وإن كان بعضها جاء مُحملاً بسوء، إلا أنّها صقلتني وتركت فيّ ما تركت، وأكون كاذباً إن لم أكتب لكم أنّي بكيت كثيراً بعد نهاية هذه الفترة. فهي الفترة الأهم في حياة كل شاب، وهي الفترة التي أضافت لي الكثير، واكتسبت فيها صداقات من ذهب. شكراً لمؤسسة الرقيم على كلّ شيء.

ذكرياتي, في العمل الرسالي

رحمة الرّب – مذكرات 2

 

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآل محمد وعجّل فرجهم

أكمل معكم سلسلة “مذكراتي في العمل الشبابي” وهذا الجزء أتأخر فيه لأنني حضرت إلى حفل زفافي وكنت مشغولاً بترتيبات، شكراً لكل من حضر وشكراً لكل من اتصل واعتذر، وموفقين جميعاً في حياتكم.

العمل الشبابي، ليس قلعة حصينة أو مدينة فاضلة، بل في ساحات المشكلات التي تحصل في المجتمع المحيط به، وتمزّقه في كثير من الأحيان، وتكون رؤيته في بعض الأحيان قاصرة فيستعين بالخبرات الخارجية، وهذا لا يعيبه، لكنّ هذا العمل يفتخر أقلّةً بالمُحاولة للإصلاح، حتّى وإن اختلف معه البقية، فلا يوجد تجمّع أو مجموعة لا يكون فيها سلبيات وأخطاء، ولكن لنحاول النظر إلى الجانب الإيجابي المُميّز في كل من المؤسسات والمراكز والتجمعات والمجموعات الشبابية في الكويت، هل هي حقاً بعيدة كل البعد عن المُحاولة؟!، أنا أراها مميّزة في المحاولة، وأتمنّى لهم الاستمرار.

[3]

يُمكنني أن أقول بأنّ مرحلة ما بعد الإنتخابات العامّة في مؤسسة الرقيم كانت المرحلة الأهم بعد مرحلة التأسيس البسيطة التي خضتها في حياتي، على الرغم من المشاكل التي صاحبت الإنتخابات آنذاك، ومن المشكلات التي أحاطت بالإنتخابات هي نسيان البعض المبلغ المالي المُخصص للتسجيل والتصويت، وكانت هذه المبالغ التي تدفع تصرف على الأنشطة عموماً كالهيئات والأنشطة الثقافية التوعوية والرياضية وغيرها، أذكر المبلغ كان للكبار 20 ديناراً وللصغار 10 دنانير إن لم أكن مخطئاً، وحصلت بعض المشادّات وانقسم الشباب إلى فرق صغيرة، وفعلاً هذه المجاميع الصغيرة قادت الإنتخابات بجدارة، وبعد هذا العرس الديموقراطي كما يسمّونه، كانت المرحلة الإدارية الأولى التي أخوضها في غمار هذا العمل.

في أولى الإجتماعات كنت مُشاهداً ومُستمعاً جيّداً، كنت أحاول الحصول على أكبر قدر من المعلومات والخبرات المُتاحة أمامي، ففي مجلس الإدارة كان هناك العديد من العقول وكانوا د.سلمان الخضاري ود.عبدالعزيز أشكناني وطالب الشريف وبوعلي جمال وفاخر السلطان ود.ياسر رمضان ومحمد صرخوه وعبدالله الخضاري والفريق المُنتخب الذي ذكرته في التدوينة السابقة، وحقيقة على الرغم من الإختلاف الكبير الذي اكتشفته بعد سنتين من العمل مع هذه المجموعة إلا أنني استفدت كثيراً، الحوارات غالباً ما كانت راقية، وفي بعض الأحيان كنت أشاهد الأعضاء يتقاتلون من أجل قرار، وبعد أن كبرت وعرفت أسرار وخبايا العمل عرفت أنّ هذه القرارات كانت مصيرية في الكثير من الأحيان!.

النصيحة التي غيّرت أسلوبي في الإدارة كانت كلمة عابرة أطلقها الشيخ حسن البلوشي دون أن يعلم!، كانت هيَ الطريق لي في معارضة الأفكار التي لا توافق فطرتي وأفكاري التي اكتسبتها مسبقاً وكوّنتها –التي كثيراً ما توقعني في مشاكل!- المُهم هي الكلمة التي كانت “سمعت إنكم ما تعارضون كلّه موافقين، شدعوة شنو ما عندكم رأي؟ ولا بس دشيتوا الإدارة علشان إسمها إدارة؟” حقيقة هذا السؤال يدعو للتفكير، فللأسف الكثير من الشباب في العمل الشبابي منذ أيّام مؤسسة الرقيم كانوا مُجرّد تكملة عدد وهُم حشد جماهيري فقط، أمّا في الحوار والنقاش وطرح الرأي فهُم لا يتجرؤون على شيء، وقد تكون هذه الأسباب راجعة لمن ركّز فكرة السمع والطاعة فقط! وعدم طرح الآراء والتفتّح.

[4]

في تلك الفترة كانت الرحلات قويّة جداً، وكانت الهيئات الفعلية تقام في السيّارات لا في الديوانيات والمراكز، بل كلّ الهيئة تتمحور حول (الإنسان) الذي يدير هذه الهيئة بطريقته!، فكنّا نلاحظ تطوّر البعض وهبوط مستوى البعض بعد أن كان مؤملاً له أن تنفجر مواهبه خلال سنة!، نعم كانت الفكرة الأساسية هي اكتشاف مواهب الشباب وتطويرها عبر البرامج، فعلى سبيل المثال إنّ أوّل مكان حاولت إلقاء كلمة فيه هي هيئة مبارك الكبير ولا أذكر ما هي الكلمة الآن، ولكنّها كانت مليئة بالإرتباك والخوف وكانت مدتها خمسة دقائق فقط!، وبعدها بدأ الشباب بتطويري وكان يدير هذه الهيئة الشيخ حسن البلوشي، لنعود معكم أيّها القرّاء إلى رحلة من الرحلات كانت إلى مرزعة جميلة جداً في منطقة الفنطاس، وكان أمامها ملعباً لكرة القدم، وفي داخلها شاليه مقسّم لغرف متعددة للنوم، وملعب طائرة في وسط المزرعة، وفي هذه الرحلة كان النشاط الرياضي عبارة عن بطولة كرة قدم، وفي ذلك اللعب دخلت حرباً لم تكن بالحسبان فأذكر أني [حذفت] صديقي وحبيبي محمد سامي بشيء لا أحب ذكره لكم هنا، وكادت أن تقح مقتلة عظيمة بين أحبابي آل البلوشي وبيني، حقاً إنها أيّام لا يمكنني نسيانها، وللعلم خسرت في البطولة في المباراة النهائية من فريق صديقي محمّد، وفي الليل تصالحنا بفضل العقلاء في ذلك اليوم، وإلى هذه اللحظة هذا الولد من أصدقائي الذين أكنْ لهم كامل الحب والتقدير.

في تلك الرحلة كانت هناك محاضرات دينية وتربوية، وسأخبركم بحقيقة قد لا ترغبون بسماعها جميعاً، العاملين في العمل الشبابي والهاربين منه والذين يودعون أبناءهم في هذا العمل، هل تعلمون بأنني وبقية الأصدقاء كثيراً ما كنّا نشعر بالملل ونحاول الهروب وخلق أجواء للضحك واللعب في وسط المحاضرة وكنّا نحاول جعل المحاضر يقف عند حدّه ولا يكمل المحاضرة، نعم هذه حقيقة وإلى لحظة هذه الكتابة أرى نفس نوعيتي في التعاطي مع المحاضرات في أيّ مجال!، كنت أرمي بعض الأوراق على بعض الأصدقاء وكنت أغمز بعيني لبعضهم لإصدار بعض الأصوات والصفير، نعم كنّا مشاغبين، بل كنّا مجانين!، كنّا نتعارك في الصباح ونبكي لفراق بعضنا البعض ليلاً، الهواتف لم تكن متواجدة بكثرة، فرؤية الأصدقاء كانت تحمل لذّة لا مثيل لها، ولكن هذه المحاضرات التي أخبركم عنها كان من يقدّمها لنا مميّزاً جداً لدرجة أنّه كان يتمكن من السيطرة علينا وإبقائنا تحت وقع كلماته، وغالباً ما تكون المواضيع في البداية تتعلّق حول أصول الدين الخمسة: التوحيد، العدل، النبوة، الإمامة، الميعاد، وبعض الأمور الإجتماعية التي تخص حياتنا في المجتمع بشكل عام، الإستفادة الكُبرى كانت في بدايات المرحلة المتوسطة إلى نهايتها، فلم تكن هناك معوقات وتعقيدات فكرية تعوق العقل عن التطوّر السريع.

نعم هناك أخطاء كثيرة كانت تحصل ولكن سرعان ما كنّا نكتشف هذه الأخطاء بسبب جماعيتنا، وروعة الروح التي أوجدها القادة، حتّى وإن كان هناك تنافس شديد، إلا أنّ هذا التنافس وإن خرج في بعض المرات عن أخلاقيات العمل الشبابي الإسلامي، إلا أنّه سرعان ما يعود إلى الطريق السليم، ويقود دفّة العمل إلى التطوّر والتوسع والمحاولة.

[5]

المُخيّم الأوّل بعد الدخول إلى الإدارة، أذكر منه الكثير من الأسماء وقد أغفل عن ذكر بعضهم لنسياني فعذراً يا أصدقاء، ولكن المعلومة الجميلة هي أننا كنّا في فئة الشبيبة وكان عددنا كبيراً فكان الشباب يسمّونا الديدان، وكنّا نطلق عليهم لقباً لا أحب ذكره هنا، المُهم في هذا المخيم كنتُ محط أنظار الجميع، فقد كنت مميّزاً بحضوري اليومي وصراخي ولعبي، في هذا المخيّم تعرّفت على الشباب عموماً وبشكل مجنون ففي هذا المكان تعّرفت فعلياً على عبدالله زكريا وهاني الشريف ويوسف الشريف ومحمد الشريف – أذكر أنّه عوقب في أحد المخيمات بعد بدئه الهجوم على مخيّم الشباب الذي كان يديره أخيه طالب الشريف-، وكانت لدينا مجموعة كنّا نسميهم القرعان وهذه المجموعة كانت مميّزة جداً فهُم كانوا يقومون بعمل حركة جماعية في كل عام، فعلى سبيل المثال أوّل سنة حضروا كانوا جميعاً (حليقي الرؤوس) وفي السنة الثانية كانوا جميعاً يرتدون ذلك –السروال المقلّم- وكان منظرهم مُضحكاً، للأسف لا أذكر أسماءهم أبداً!، وفي سنة من السنوات كان هناك شخص سميناه نوّاف الحمش وكان هناك مقلب كبير شارك في الجميع ضد هذه المجموعة المتمردة، فقد كان نوّاف يدعي المرض والإنفصال عن شخصية للحظات، وفي أحد اللحظات جعل هذه المجموعة كلّها تنشد السلام الوطني بصوت عالي، وكانوا يقومون بالإنشاد بطريقة جماعية وكأنهم في مدرسة. وأيضاً قام نوّاف باللحاق بـ محمد عاشور من المخيم إلى مكان قريب من خط المطلاع! وكأنه سباق!، على ذكر محمّد لازلت أتذكر اللحظة التي كان فيها قائداً للجنة البقالة، وكعادة العالم في الليل ينامون، وفي الصباح ينهضون لأداء المهام الموكلة إليهم، المفاجأة التي كانت هي هرب خيمة محمّد إلى مكان مجهول وكان نائماً ولا يشعر بشيء، سوى أنّه شاهد نفسه في العراء!، ولا أنسى معاقبة حمد العيدان مع عبدالله زكريا زحفاً في المخيم بلا ملابس تحمي صدورهم، وأذكر أنّ أحدهم ربط بسارية العلم وكان الماء صديق جسمه، وكيف كان عقيل يحاول الهرب من المحاضرات عبر جلوسه [أعزّكم الله وأعزّه] في الحمام!، ولازلت أذكر علي باقر ومحمد باقر وكيف كانوا يقومون بمهام خطرة وكبيرة، وكثيراً ما كنت هناك نقاشات جميلة في المخيم.

 أذكر أننا في آخر يوم في المخيم كنّا ننتظر المفاجآت من القادة ففي سنة من السنوات شاهدنا فيلماً بشاشة عملاقة جداً ومكبّرات صوتية جميلة تحيط بالمخيّم وأخذنا (سليباقاتنا ) إلى الصحراء والرمال لنكون مستلقين على ظهرنا لنشاهد الفيلم باستمتاع!، – نعم شاهدنا فيلماً هناك! – وأذكر أنّ الشاب محمد النجّار هو الذي كان بجانبي وفي بعض لحظات الملل كنّا نخرج عن الأجواء ونبدأ  بالحديث عن أمور حصلت في المخيّم، نعم إنّ آخر يوم كان دائماً بالنسبة لي هوَ يوم البكاء على رحيل تلك الأيّام العظيمة التي عشتها، فلم أكن ولازلت لا أحب لحظات الفراق، على الرغم من التكنولوجيا الحديثة التي ساعدتنا كثيراً على التقارب الإلكتروني إلا أنّ الأرواح ولقاء الأعين له طعم آخر.

أمّا أحد أكثر المخيمات التي علقت بذهني في فترة مؤسسة الرقيم فهوَ المخيّم الأخير الذي توقّفت بعده الحياة!، فلم نكن ننام في خيمة!، بل كنّا ننام في شاليهات! ولا أذكر السبب الذي قادنا لهذا الحل، وكان الكبار ينامون في خيمة عملاقة، وكانت هناك أحداث كثيرة منها أنني بكيت فرحاً وحزناً .. ! وضاع أحدهم منّا في هذا المخيم!.

البقية تتبع ..
يوم الخميس القادم إن شاء الله ..