قوافل من حُزن، ولباسٌ أسود يغري الدمُوع فيّ لتنفجر، وعينان مسلوبتان منذ ألف عامٍ وأكثر، والآلام تعصف بالعقل والقلب، ففي عُمق التاريخ، أُنبتَ المسمار -ذلك المسمار الدامي-، ليُغرَس في ضلع الروح الأغلى في العالم، وأسأل من الله أن يهبني حرفاً يُبكيني ويُلهمني، فحياتي دونَ الحرف ملعونة مسلوبة كلّ القوى، ما أنا دون الحَرف؟.
باستمرار أطرق نوافذ الأمل بحثاً عن نور أو نار تجتث غُصّة زُرعت فوق عرش القلب، غُصّة طفل يبحث عن النبض الأوّل سقط خلف باب الرسالة وهو يجتّر ظُلامةٌ ستقتات على الدَم في كلّ مرّة تعاود الظهور فيها، وفي كل ظهور لها سيقتل أبناء النبيّ الأعظم (صلى الله عليه وآله)، وراية الشرّ ستعتلي وتُرفع فوق الرؤوس، ومقاعد الحياة سيتم احتلال نصفها بل وأكثر من طينةٍ أبغضَت النبيّ وآله، وسُتسرق الكلمات من ثغر الحكمة لتُلصق بشيء مشوّه!، ليظُنّ العالم بأنّ الحكمة والسماحة والفصاحة لازالت في الصدارة.
يا إلهي مُثقلٌ بالأشجان أنا، وتورق أنفاسي وروداً من بُكاء، ولا شيء يُشبعني فالدَم سال فوق الباب، والضلع انكسر والطفل قُتل، وهُناك فوق قارعة الطريقة ارتمى العبد الآبق فوق وجه الطُهر ليرفع سوطاً من حقد غذّاه بكلّ الذكريات الكافرة التي عشعشت في عقله، وفجّر قطرة الدَم الحارقة من جسدها الأطهر، لتُعلَن انتصار الشياطين في الجولة الأولى ضد الإنسان!، وشطر السوط جسد الأمّة كلّها، واختبأ خلف الستار، مُعتقداً بأن العدالة الإلهية غائبة لن تقتص منه.
ولا أجد إلا أن أرتدي ثوباً من غيم، فروحي تشهق وجعاً ولا يُخفي جروحي إلا مطرٌ يُخالطه دم، فبنت النبيّ الأعظم (صلى الله عليه وآله) ارتحلت ويأبى التاريخ تسجيل شيء إلا إن حُفر بالدم، وهذه الفواجع والرزايا تطبع أحداثها على صدر التاريخ لتسجّل لنا جُرحُ صدرٍ وحرق دار ولطمُ خدٍ وطعنةُ مسمار، وآهةُ (زينب) تلك التي دوّت ليرتّد صداها في كل زمان، لتُبكينا وتُشجينا وتُهدينا روحاً من بُكاء.
—
httpv://www.youtube.com/watch?v=v_Vop-5zV5E
عظّم الله لكم الأجر في ذكرى استشهاد مولاتي الزهراء (عليها السلام)