مهلاً فكلّ الأبجديات فقدت حلاوتها، وكل الحروف سقطت ذليلة وخاشعة أمام حضرته!، هي ثمانية وعشرون حرفاً ضاقت بها دفاتري وحناياي، أبحث عن حرفٍ جديد أصوغ به لوعة وحسرة وبكاء وشيء من وفاء، هذا الحرف سأكتب به كلمة من خلف التكوين له هوَ فقط، سأصنع لكلمتي هذه هيبة مَلِكْ وسطْوَة جيش، تكتحل بها العيون، وتلتحف السماء مُتألقةً بالنجوم، لا تتكرر كبصمة الإصبع، هل تكررّت بصمة إصبع مدى الدهور؟.
يا مولاي الوصول إلى قلبك مُكلف وأنا رجلٌ مُعدم، فهل تقبلني خادماً يبحثُ عن حرف جديد؟!، فالوصول إلى حضرتك أصدق من حقيقة وأجمل من حُلم وأكثر فتنة من سحرٍ مُبين!، سيّدي هل لي بسؤال؟؛ لماذا لا تزال خطواتي إليك تزّين متحف قلبي وعقلي؟ ولماذا دمعاتي صارت أكثر حُرقة تحت ستائر الصمت؟، سيّدي بعد السجود تحت قُبّتك رأيت في المنام احدى عشر زهرة خرّت لدمعاتي ساجدين، وفي الليلة الخامسة بعد الألف بكيت حتّى ابتلّت السماء بالمطر، تحت ذلك شعرت بأنّي سأنطلق نحو عالمٍ جديد، وهناك قد أمكث ألف ألف عام أو ما يزيد، ولن يكون لي ثمن، هل كل اللوحات الفنيّة تقدّر بثمن؟.
من يا تُرى يملتك الجُرأة ليرحل إليك؟، سيّدي أحببتَ الرّب وأهديت قربانك الأعظم لتحفظ الإسلام، فمنذ يومك شبعت الأرض، ولم تكن بحاجة لقرابين، إلى أن جئنا نحن وخطايانا نحملها بأيدينا المُلوّثة، وبعضنا يحمل في قلبه الخطيئة الكُبرى، ونبحث عن السلام والحُب والاستقرار، يا سيّدي نشعر بأننا تائهون نسقط بين الحين والآخر في حفرة لا نهاية لها، ولا نستيقظ إلا بعد أن نشاهد نورك البَهي يُشرق في سماء هذه الحفرة.
سيّدي يسخر من الجُروح من لا يعرف الألم، وتتكسّر خزعبلات كلماتهم عندما يتجلّى العشق في المسير إلى نحرك!، فلا سياط الشمس تثنينا ولا جبروت البرد يوقفنا، وقرابيننا نحنُ وأنا وكل ما فينا!، وجُثث الولاء تتساقط كما أوراق الخريف مُختزلة عطاء الأرض، إنّ الحضور إليك ليس مقبرة جماعية، ولا صخرة تتحطّم عليها مشاعر الجماهير، بل أنتَ كلّ شيء مُمكن، وكل مبدأ وقيمة فأنتَ أضفت القيمة الكُبرى التي اسمها (الحُسين).
سيّدي عشّاقك يتسوّلون من عينيك نظرة، ويبحثون عن يدك الحانية لتمسح بها على رؤوسهم، وبعدها تلهج القلوب بأسمى آيات العشق، ولن يُبدد الظلام فضياء الشمس باقٍ، حينها ستجمع كافّة الأوراق وسنشاهد في جميعها أنتَ، ولن تُسدل الستائر فالقلوب ستبقى تنبض بـ (يا حُسين)، والسؤال متى تُداوى شفتيك سيدي؟ لتُشرق من ثغرك ابتسامة وتداوي أرواحنا، وكربلاء تصلح لتكون وطناً لكلّ عاشق ومُغترب، فهي مليئة بكَ، وظمأ الأيّام يُطفأ عبر استنشاق ترابها، والبكاء ما بين أطرافها يأخذنا إلى عالم الأطياف ونُشاهد ما جرى.
بدائيّ الهوى أنا (يا أبا عبدالله)، أحبو ببطء وأتمرّغ بخيوط الشمس، وأتعلّم فنّ تدمير الأغلال وأنسكب على جبين التُراب، باحثاً عن ما تبقّى من دم نحرٍ منحور، لألوّن جدران الكون بذلك اللون الأحمر، وأنثر عطراً مقدّساً يطفو فوق صدر السماء، وأعلم بأنّك ستملأ الأرضَ حباً بهذا العطر، وستختنق حكايات الغرام، وستنزوي كلّ وردة لم تصبغ بدم الوريد، وسأُبْقي لنفسي زاوية الهدوء والبكاء والنحيب أنطق أوّل حروف الأبجدية وأنحت حروف اسمك وأطوف حولها سبعَ أشواط بهيّة، لم ولن أعشق مملكة لا تكتب اسمك، وسأرجمها سبعاً وأنادي (الله أكبر).
كم أشتاقكَ أيها الشهيد، كم أشتاقك، …
××
والهديّة هي ..