ثمانية أعوام حقيقة أم خيال؟ لم أكن أتصوّر أنه يُمكن أن يستمر الإنسان في عالم التدوين ثمانية أعوام؟ هل يُمكن لشخص الكتابة لفترة 8 أعوام! كانت مثل هذه الكلمة قبل 8 سنين ضرباً من الخيال بالنسبة لي، بل وقد تصل للمستحيل، فالأمر يختلف كُلياً عن أيّ شيء آخر!، أن تكتب لمدّة 8 أعوام دون أن تشعر بشيء، بالنسبة لي هذا الأمر يُشبه السعادة.
عندما أراجع بعض الكلمات أجدُ أنّ بعضها مُفيد –لي شخصياً- وبعضها مُجرّد مشاعر قد لا تنفع أيّ قارئ –غير كاتبها-، لم يكن الأمر تحدياً.. كان الأمر حاجة حقيقية للكتابة والتنفيس عن كُل ما هوَ في داخلي، قد تكون الكتابة هيَ المنفذ الوحيد الذي اعتدت الهرب إليه في حالة الملل وحالة الخوف وحالة الانتظار، قد تكون الكتابة لمدّة ثمانية أعوام هيَ حكايتي الأجمل التي عشتها إلى الآن بالإضافة لكل ما عاشرته من علاقات عائلية مميّزة مررت بها بالإضافة لصداقات أضافت ليَ الكثير في حياتي بعضها من ترك جواهراً في حياتي ورحل وبعضها من غرَف من لحمي ودمي وبصق في وجه العلاقة، كُل هؤلاء هُم عبارة عن ثمانية أعوام في عالم الكتابة وحياتي الخاصّة التي أفتخر بأنّ الكتابة جُزءٌ منها أيضاً.
الذكريات الجميلة والتعيسة هيَ لحظات ثمينة بالنسبة لي، فالكتابة بحاجة إلى كُل هذه الذكريات، فأن أتذكّر طفولتي أن أستحضر حياتي التي مضت وأستنطق هذه الذكريات لتُخبرني بما هوَ صحيح وما هوَ خاطئ في ذلك الزمن، وكيف أنّ الأمور اختلفت الآن وأصبح كُل شيء أكثر غموضاً، والمعرفة التي اكتسبتها ما هيَ إلا طريقة أخرى للغوص في عالمٍ أكثر وحشة ورُعب. لم تكن الكتابة همّ في يومٍ من الأيّام بالنسبة لي حتّى وإن قُلت هذا الأمر لأحد ما، عند لحظات الهدوء أكتشف أنّ الكتابة هيَ الوسيلة التي أحُبّها للوصول إلى مكانٍ ما.
مضى القطار ورحل منذ سنين طويلة، وكُل ما عرفته منذ ذلك الحين أنّي ركبت في عربة الكِتابة طوعاً لم أجبر على هذا الأمر أبداً، لم يأخذ بيدي أستاذ ناحية الكتابة، إلا أنّ أبي العظيم هوَ من أرشدني إلى مفتاح الكتابة الأعظم .. القراءة، هذه المجنونة التي أعطتني الحُريّة والسفر مقابل لحظات ثمينة من عُمري.
شكراً لكل من ساندني في هذه الرحلة، ولستُ أدري متى أترجّل من هذه العربة، متى أبتعد عن صهوة جواد الكتابة وأكتفي بالانتظار والقراءة والصمت، شكراً لكل من يحاول أن يخرجني من الظلام الذي لا أبصر فيه إلا السواد المؤذي، شكراً لكُل من يقول له .. (هذا خطأ) وهوَ صادق في كلمته وناصح لي بهذه الكلمة، شكراً لكل من يقول لي (انطلق وانا سندك)، شكراً لكل من ساهم في حياتي بشكلٍ من الأشكال.
لازلت أقول أنا سامحت كُل من تحدّث عنّي بسوء في يومٍ ما .. لستَ بحاجة يا صديقي/ زميلي/ … إلى المجيء إليّ والاعتذار، فأنا سامحتك مُسبقاً. وفي هذا العام أُكرّر هذه الكلمة وكُلي ثقة بما أقول. وأعتذر لكم عن كُل خطأ أو فهم خاطئ، أعتذر علناً عن كُل أذى سببته لشخص.
من على شُرفة الكلمات، أحيّيكم وأسألكم الدعاء.