بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين أبي الزهراء محمد و آل بيته الطيبين الطاهرين و اللعن الدائم على أعدائهم إلى قيام يوم الدين .
اللسان رحب الميدان له في الخير و الشر مجال واسع فمن أهمله فأرخى العنان سلك به طرق الهلكة و الخسران ، إذ لا تعب في تحريكه ولا مؤونه في إطلاقه ولا يعلم الكفر و الإيمان اللذان هما غاية الطاعة و الطغيان إلا بشهادة هذا اللسان وكل أمر يتعرض له اللسان بإثبات أو نفي بحق أو باطل ، فينبغي ضبطه تحت حكم العقل و الشرع .
” عن الإمام السجّاد عليه السلام : قال إن لسان ابن آدم يشرف على جميع جوارحه كل صباح فيقول : كيف أصبحتم ؟ فيقولون : بخير إن تركتنا ، و يقولون : الله الله فينا ، و يناشدونه : إنما نثات و نعاقب بك . “
المجاملة فن من فنون الحياة عموماً و لكن و للأسف أهملته المجتمعات فأصبح أمراً مختلطاً مع الحب و الإكرام و الإسفاف بعقول و غيره من الأفعال الحميدة و الغير حميدة ، فأصبح المجاملون أشخاصاً معروفين في بعض الأوساط بأنهم ( ذوي وجهين ) و هناك أوساط رفضت هذه الكلمة جملة و تفصيلاً وقالوا بأنهم مجموعة لا تعرف إستخدام المثالية في الحياة و إنما استخدمت المثالية الصورية .
فلو شاهدنا شخصاً يحتضن شخصاً آخراً و هو في نفسه البشرية لا يحمل إلا عشراً مما قد يرسمه على وجهه و على بدنه من أمور ! ، قد نطلق على هذا الشخص إنه مُنافقٌ في مشاعره ولا يفقه طريقه تطبيق – المبادئ الأخلاقية – التي يُنشدها هوَ ..
فتتولّد لديه حالة الـ – ميتا أخلاقية – و هي مستوحاة من الـ – ميتافيزيقيا – فهذا الشخص المجامل يحاول الوصول إلى مستوى ( ما وراء الطبيعة ) فأحياناً تراه شخصية مصطنعة لا يجدي معها تبادل المشاعر ، فهو في نظر بعض الأشخاص غير أمين في نقل مشاعره عبر حواسه و لسانه فتراه يطلق اللسان في كافة المناسبات بالمدح و الثناء .
الأخلاقيات هذه عبارة عن أدبيات يحبها البعض بل و ينادي بها الكثيرون على أساس إنها قمة المثالية و لكنهم و للأسف لا يشاهدون الأشخاص الذين يُظلمون في بحر هذه المجاملات الفارغة من الإحساس الصادق ، أما إن كان هناك صدق ( فبإعتقادي ) هذه الأدبيات لا تٌسمّى مجاملة بل هي حقيقة نابعة من القلب و حكّمها العقل و أصدرها اللسان .
عقيدة الأخلاق الحميدة إتفق عليها جميع البشر منذ بدء الخليقة فأصبحوا ينشدون الكمال في علاقاتهم و الرونق في تعاملاتهم و لكن مع إختلاط البشر بأساليب يمكننا أن نطلق عليها – شريرة – زرعها الشيطان في مزارعه .. بات البشر لا يمكنهم التفريق ما بين الكلمة الصادقة النابعة من القلب إلا عندما نشاهد أفعالاً تحاكي هذه الكلمات ، فالكلمات وعاء يُملأ بالتطبيق الفعلي لا بالحروف الفارغة من المعاني المادية التي ينشدها البشر عموماً .
في نهاية الأمر : المجاملة فن يحتاج إلى تشذيب في عقول و ثقافة مجتمعاتنا ، فهناك الكثير من الأشخاص ليست لديهم ثقافة المجاملة بل و معدومة كلياً لديهم و هناك من هُم على نقيض هذه الأمر تماماً فهُم يتنفسون مجاملة ولا يمكن تصديقهم أبداً في خانة التعبير عن المشاعر و هذا أكبر خطر يقع عليهم ، و هناك من هُم فعلاً مميزين و يعرفون مَتى يجب علينا إستخدام المجاملات و الكلمات المعسولة في البيئة المناسبة لها .
———————————
– أبارك لكم ذكرى عيد الغدير الأغر
– الحمدلله على سلامة جميع الحجاج و حج مقبول و ذنب مغفور إن شاء الله
* هذه المقالة مستوحاة من نقاش دار بالأمس في سيارة صديقي محمد و كان هذه النقاش مع هادي و محمد آخر . فشكراً لهم .