الصداقة والأصدقاء

ثُمَّ الطريق .. (1)

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أبي الزهراء محمّد وآل بيته الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم إلى قيام يوم الدين.

“الصديق، ثُمّ الطريق” قالها الإمام علي عليه السلام، وترك التفكير لنا نحن عشيرة آدم (ع)، هل بالإمكان السير بطرقات الأرض دون وجود صديق يدفع بك تارة وتارة أخرى تدفع به إلى أعلى القمم؟، هل هناك شخصية مميزة ارتقت أعلى المناصب وحققت نجاحات عظيمة لوحدها؟ كل ما أعرفه هوَ أنّك (إذا كنت تريد أن تصل إلى أماكن لم يصل إليها أحد، فكن وحيداً، وإذا كنت تبحث عن الاستمرارية فتحلّق بالأصدقاء).

كيف يمكن للبعض أن يعيش من غير صداقات؟!، بل ويبحث عن طريقة لتفكيك ما جمّع من صداقاته في لحظة من لحظات نشوة غضبه!، “أعجز الناس من عجز عن اكتساب الإخوان، و أعجز منه من ضيع من ظفر به منهم” قالها المولى علي (ع)، وجمّد العقول في وصف العاجزين، فهوَ وضع لنا بصمة لا يمكن الاختلاف على جمالها، الأصدقاء هُم من يُنقذ الإنسان في الكثير من الأحيان إذا ما كانوا على قدر جيّد من الصلاح، ولست أدري ما سر الجفاف الذي يعيشه البعض في ألفاظهم مع البشرية عموماً، وغالباً ما يكونون غير قادرين على اكتساب الإخوان والأصدقاء، بسبب كثرة الانتقاد الحاد الذي يقدّمونه للصديق رغبة في نصحه!، لنقرأ هذا الحديث الشريف ونبدأ بمحاولة فهم طريقة الحياة “المؤمن ألفٌ مألوف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يُؤلف”.

للحياة الفاضلة والجميلة أرضية لابد منها، فلا يمكن لنا زراعة ورود ورياحين في صحراء قاحلة قبل إصلاحها، وطريقة الإصلاح الذاتي هيَ أولاً وأخيراً تكون وفق قاعدة [الأخلاق] التي ما إن كانت على قدر عالي من الصلاح، تكون الأرضية التي نبني عليها أركان حياتنا، والصداقة إذا ما رغبنا بفهم جزء منها، فهيَ صناعة ممتعة، يجب أن نستعمل فيها العديد من الأمور ولعلّ أهم هذه الأمور يتلّخص في [ الذوق، الفكر، القلب، الضمير، … ] لتكوين صداقة ناجحة، ويجب أن نتحمّل التعب قليلاً لكي لا نجمع الأحجار ونحن نظن بأنها جواهر، فالكنوز تحتاج إلى بحث شاق بين أعماق الأرض.

[ قصّة واقعية ]

لازلت أذكر بعض الأصدقاء من المرحلة المتوسطة في حياتي الدراسية، ولعَل أبرزهم صديقي (علي) الذي كان أحد الطلبة المميزين في مادّة اللغة العربية التي كانت بالنسبة لي عقدة –منذ الصغر- وكانت هناك مصلحة متبادلة بيني وبين هذا الصديق، ألا وهي الفائدة المتبادلة فقد كنتُ مميّزاً في مادة اللغة الإنكليزية وهذا ساعدنا على التعاون المشترك ووجود أرضية، ولكنّها لم تكن أرضية متينة، بل كانت أرضية مصالح متبادلة فقط وفقط!، وهذا أمر الآن يحزنني، لأنني الآن لا أدري أين أصبح هذا الولد وآخر أخباري عنه أنّه أصبح (عازف غيتار)! ليس أكثر.

[ لماذا الأخلاق مُهمّة؟ ]

لأنه قيل للإمام الصادق عليه السلام: “فلانة تقوم ليلها وتصوم نهارها، ومدحوها كثيراً، فقال (ع):
           – كيف هي مع جيرانها؟
           – فذمّوا علاقتها مع جيرانها، فقال (ع):
           – إذن لا خير في صلاتها وصيامها “

فالصلاة التي لا تصلح الأوضاع الاجتماعية هي صلاة فارغة من محتواها، فكما جاء في الحديث الشريف “كم من صائم، ليس له من صومه إلا الجوع والعطش، وكم من قائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش، وكم من قائم ليس له من قيامه إلا السهر والتعب”، حقيقةً كم هوَ مؤلم أن تكون صلاتنا لا تنفعنا ونقف غداً أما الجبّار بأيدي فارغة من الأعمال الصالحة التي تنجينا من لظى النيران، فلنبحث عن الإصلاح في حياتنا في كافّة مجالات الحياة.

{الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ}

تساؤلات:

           1- هل تصادقـ / ـين بكثرة؟
           2- هل من الضروري أن يكون لدينا أصدقاء برأيك؟
           3- هل الصداقة مسألة عادية؟، ولماذا؟
           4- كيف تختار / ين أصدقائك؟
           5-ما رأيك فيمن يؤثر الوحدة على الصداقة مع الناس ويتفاخر بعدم وجود أصدقاء في حياته؟

أفكاري

حـــاء !

بسم الله الرحمن الرحيم

قال رب العباد [ لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم و لكن الله ألف بينهم ] ، و قد قال رسوله و حبيبه الكريم صلى الله عليه و آله و سلم [ من أراد الله به خيراً رزقه خليلاً صالحاً ، إن نسى ذكره و إن ذكر أعانه ] . كلمات لا بد من التوقف عندها قليلاً حتّى لا نكون جاحدين لفضل من خلق و دبّر و حبيبه من دنى و تدلى .

في هذه الأيام أعيش تجدد الذكريات ، أعيش لحظات و كأنها تتكرر في كل زمن من الأزمنة التي أحياها ، فالحب و التآلف ليس له زمن محدد و الشوق لا يعرف حدود الدول الوهمية ، فسمو الروح أكبر من يقف بين طيات مكعبات نسكنها لنؤمن لأنفسنا هدوء بيئة مصطنعة ، أما هدوء الروح فهو غير متواجد في حياتي منذ زمن فروحي ما بين حالاتها المختلفة فقدس العشق و جبال الحزن و صمت الجنون و فن التفكّر .

الإمام الرضا – عليه السلام – و بعد زيارتي لدياره أعطاني هدية لا يمكنني نكرانها أبداً ، أخذت من هناك حالة الشوق بكافة أطرافها و حالة الحب من جديد ، فأنا كنت قد نسيت بأني أعيش بين أخواني و أحبابي بسبب كثرة لغطي و أخطائي .

جُـلنا يعلم بأن البصيرة الباطنة أقوى من البصر الظاهر ، و القلب أشد إدراكا من العين و جمال المعاني و المفاهيم المُدركة بالعقل أعظم من جمال الصور الظاهرة للأبصار ، فالعشق يدخل قلب الإنسان المؤمن لا محالة فالأمور الشريفه الإلهية التي يصعب أن تدركها الحواس تكون حالات رائعة بل و بها لذة لا متناهية أبداً فيكون ميل الطبع السليم و العقل الصحيح إليه أشد و أقوى ، و العشق و الحب أمر فطري جداً فلولا هذه الفطرة السليمة لما عشقنا ( الرسول و أهل بيته صلوات الله عليهم ) .

المحبة و الألفة تكون قوية جداً بقدر الملائمة و المعرفة ، فمعرفتنا بأنفسنا مُفتاح رائع نحو بوابات القلوب المغلقة و هذه قطرة من أفضال ربنا الكريم علينا ، و الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف و ما تناكر منها اختلف ، و هذه المحبة فرع من محبة الله تعالى فكل ما ارتبط بالله ينمو و يكبر ، فمحبة الإحسان و حسن الخلق و محبة الجمال .. كلهم مرتبطين بحب الله جل سبحانه .

يقول ربنا العزيز العظيم في محكم كتابه الشريف [ و الذين آمنوا أشد حباً لله ] و يقول [ إن الله يحب التوابين و يحب المتطهرين ] . و أسأل الله أن يرزقنا حبه و حب من يحبه و حب ما يقرب إلى حبه ، و هيئ لنا أسباب حبه حتى نحبه و نحب من يحبه بمحمد و آله .
 
منذ لحظة إستيعابي لهذه الحياة قررت أن أتعرف على من يقربني إلى الله و إلى أوليائه الصالحين فصرت باحثاً عن الكنوز المدفونة في هذه الأرض و المجوهرات التي تنقذ الإنسان فلقائي بأحبابي دوماً و أبداً يكون كلقاء السحب و لقاء العمالقة .. و تعلمت منهم الكثير و بدأ نور حب من يحب الله يدخل في كهفي فأصبحوا كثُراً بفضل من الله تعالى ، و أصبح الحب العذب كالماء النقي الطاهر يصطفي و يختار بطريقة لا أعلم عنها شيئاً إلا أنها مِنة من الله تعالى ، و كل ما كتب عن الحب ما هو إلا مجرّد قطرة في بحر زاخر بالمفاهيم .

جميعنا نحتاج إلى الحب . الحب جزء من الطبيعة البشرية مثل الأكل و الشرب و النوم ، يَحدُث أن تَجلس وحدك أما غروبٍ جميلٍ للشمس ، و تفكر : كل هذا الجمال بلا أهمية لأنه ليس هناك من أشاركه فيه .
يجب إذن أن تتساءل كم مرةً أدرت ظهركَ لمن يطلب منك حباً كم مرةً خفت الإقتراب من شخصٍ ما و الإعتراف له بلا تكليف بأنك تحبه . حذار من الوحدة فهي من شأن أخطر المخدرات تخلق تبعية إذا لم يعد غروب الشمس يعني لك شيئاً تواضع و امض بحثاً عن الحب و اعلم أنك في هذا الشأن كما في الشؤون الروحية الأخرى ، كلما كنت أكثر استعداداً للعطاء أعطيت أكثر بالمقابل *

ما أجمل حرف الحاء .. ذلك الحرف الذي لا يعرفه الكثيرين .

—————————

*
مقطع من كتاب ” مكتوب ” لباولو كويلهو .

 

في النهاية

 

 

 

 

 

 

خواطري

خذني إليك

خذ قلبي

و اصنع منه مملكةً
أعلامُها ترفرفُ
في كل أنحاء قلبي
شُعوبها من دمي و أوردتي
تُرابها من نبضان حُبي ..

طوعاً تَوَّجتُك
أميراً ..

حباً أنا سلمتُك أسرار شعبي
أحببتك و رسمت شاطئ دربك في كفي
أحببتك و جعلت من عيناك دربي

خذ حضني ..
خذ حضني قصراً ليحميكَ
إني عشقتُك فور ولوج روحك في جسدي
إني عشقتُك فارسم مني بِحاراً
و في شطآن عيناك صومعتي
و ارسم لي من كف يداك مجدافاً
و من ظل أهدابك أشرعتي

أحبك ضعها في أرفف سفينتك ..

في حضرة الحب أرتمي