في هذا المقال، أضع أمامكم عدداً من الاعترافات، عدداً من التجارب الحقيقية، تجارباً خضتها وهيَ رائعة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، رغم كلّ المشاكل وكلّ الظروف القاسية والضربات المُتتالية في كثير من الأحيان، إلا أنّ مساحة الرضا كانت أكبر، وعلامات التفاؤل كانت أقوى، لهذا أدعوكم اليوم للتفاؤل رَغم كلّ غيوم الأسى التي تهطل دماً فوق رؤوسنا، أليسَ الصُبحُ بقريب؟.
أعترف لكم بأنني في بداياتي مع عالم التدوين لم أكن أعرف ماذا سأصنع؟ كيف سأصنع؟ ولمَ فتحت مُدوّنة؟ هل أمتلك أفكاراً مُختلفة!، لم أكن أعرف السبب، فقط كنت أكتب في تلك اللحظات خواطري البسيطة التي رميت الكثير منها في مُنتديات للأسف اندثرت، وأنهت تُراثاً كتبته فيها بسبب تعرضها للاختراق والبعض الآخر اختفى من عالم الإنترنت لأنّ القائمين على المنتديات قرروا التوقّف عن مشروعهم!، كتبت في بداياتي بطريقة بدائية، مقالات لا تتعدّى ال150 كلمة أو حتّى أقل!، لم تكن للمُدوّنة رسالة واضحة، أو حتّى نمط مفهوم!، كُنت أدوّن في كافّة المجلات دون أن أبتكر تصنيفات!، فالتصميم فوق الأدب فوق الرياضة وكلّ شيء مُتداخل بشكل بشع!، حتّى وصلت إلى لحظة لنشر ملفات تختص بالتصميم!، أشكر الله على ما وصل إليه الأمر الآن، وأتمنّى أن أتخصص في مجالات مُحدّده أكثر وأكثر، إنها تجربة استثنائية أعترف لكم بذلك، وأن تكون ضائع وتجد الطريق لاحقاً خيراً من أن تجد طريقاً لا تعرف كيف تخطو فيه!، أو طريق يقودك للهاوية.
أعترف لكم بأنّ عملي الأوّل (جئتك) لم يَكُن مُخططاً له أبداً، كتبته بشكل صُور مختلفة في كربلاء المقدّسة، محاولاً توثيق الرحلة بشكلٍ ما، لم أكن أحمل معي كاميرا فوتوغرافية للتوثيق، فاختبرت قدرتي على كتابة ما أشاهد بشكل مُبسّط، كُنت قبلها قد قرأت بعض الكُتب التي أعتقد أنّها وسّعت مداركي وأضافت لحصيلتي اللغوية، لهذا استعنت بقدرتي على التصوير اللغوي، ومشاعري الشخصية كتبتها بطريقة ما، مُستعيناً بكل الكلمات التي أعرف، أظنني أمتلك بعضاً من الأوراق تلك، كتبتها بخط رديء جداً، لا يُمكن فك طلاسمه!، فحتّى أنا الكاتب للكلمات سقطت في فخ تفكيك الرموز!، بعد عودتي إلى الكويت نصحني والدي بالمُحاولة، لتفريغ هذا المحتوى وفي تلك الأثناء وجدت أنني كتبت زيادةً عن اللزوم!، وصلت إلى كتاب وفصول قصيرة!، وبدأ مشروع توثيق الرحلة في كتاب يُطبع ويُباع ويتم التسويق له، في محاولة للنهوض بجيل لا يَكتب حتّى ذكرياته!، أعترف لكم أنّ كتابيَ الأوّل (جئتك) فتح ليّ الآفاق، وأعطاني دفعة كبيرة للاستمرار في عالم الكتابة.
أعترف لكم أيضاً بأنّ تجربة (علي ميديا.كوم) لم تكن فاشلة!، رغم انتهائها ودخولها النفق المظلم، إلا أنّها كانت تجربة فريدة ومميّزة جداً، هيَ نواة لدار نشر يُديرها الشباب، بدايتها كانت جنون وطموح كبير جداً، إلا أنّ وسائل التحصيل المالي كانت أسوأ مما كُنّا نتصوّر، فخدمات الكي نت والفيزا لها شروط كثيرة في الكويت، والباي بال لم يفتح مجال السحب إلى الآن!، وهذا أحد أسباب هروبنا من هذا العالم الذي كُنّا فعلياً نربح فيه أموالاً جيّدة إلا أنّه توَقّف وحالياً يُعاد تصميمه وهيكلته!، أعترف لكم أنّني نضجت كثيراً في هذه التجربة، ولا أخفيكم سراً أنا بحاجة لتجربة تجارية جديدة، أؤمن بأنّ التجارة تأتي بأموال جيّدة تقودك لتحقيق بعض الطموحات التي هيَ بحاجة لبعض الأموال، جدياً أفكّر بإطلاق خدمة التصميم عبر الإنترنت للأصدقاء، وخدمة المُساعد الشخصي لكاتب شاب، إلا أنني إلى الآن لم أرسم المنهج اللازم لهاتين الخدمتين.
أعترف لكم كذلك بأنّ تجربة الحصول على (ابن) هيَ تجربة مُثيرة، أسأل من الله أن يرزق من لَم يُرزَق، تجربة مُختلفة جداً عن كل ما نعرفه، هيَ مرحلة لاكتشاف مدى وعيك، قُدراتك على ترك هذا الابن على الاكتشاف!، قدراتك الخاصّة بالتحمّل!، لم أكن لأكون قادراً على الليالي الأولى معه لولا وجود طاقم نسائي مكوّن من زوجتي الغالية وأمّي وأم زوجتي برفقتي، هُم تمكنوا من صنع ما لا يُمكن للرجال مُجتمعين صنعه، أعترف لكم أننّي لازلت جاهلاً في عالم التربية، ولازلت طفلاً في عالم الآباء!.
آخر اعترافاتي هُنا، لم أكن أتصوّر في يومٍ من الأيّام بأنني سأستمر في مجال العمل الشبابي الرسالي، كُنت أسرُّ في داخلي أنني سأترك هذا المجال وأنا في قمّة نشاطي، ولكنّي في كلّ مرّة أجد أنني بحاجة لإعادة التفكير، فالعمل الرسالي لا ينتهي، والشباب لا يتوقَفون عن إدهاشك، فبينهم من هوَ مُصمم جرافيكس، وبينهم من هوَ كاتب وبينهم من هوَ …الخ، هذا العمل هوَ مجتمع جميل بكل أخطائه، وهوَ أفضل من التواجد في مُجتمعات فاسدة، أو مُجتمعات لا تعرف ماذا تريد من هذه الحياة!، فقط نوم وأكل وحوارات فارغة!، في العمل الشبابي وجدت الكثير، ولا أزال أكتشف المزيد.
أعترف لكم أنّي كتبت هذه الاعترافات وأنا بكامل قواي العقلية، أنا حسين مكي المتروك.