أفكاري, الصداقة والأصدقاء

الأصدقاء المُلهمين

أحياناً نمرّ في محيطات من الأسى والشعور بالحرمان، ونقف فيها محاولين التأمّل إلا أننا نستلذ بهذا الإحساس المؤلم!، لستُ أدري كيف ولكن يحصل هذا الأمر مع الكثير من الأصدقاء وكأنّه مغروس في كلّ بني البشر، حيث يقفون على حالات الحداد بشكل مُفرط، قد يُحفّزهم البعض للخروج من هذه الحالات إلا أنّهم يتلكؤون مع كلّ حالة فشل تظهر أمامهم ويطأطئون الرؤوس بحثاً عن خيط من خيوط النجاح ليُمسكوا به وعادةً لا يجدون.

إلا إنني أحبّ وجودي في مُحيط من الأصدقاء المُلهمين الذين يقودوني للنجاح في الدُنيا والآخرة، فلا يفصلون بين أعمالهم ويقومون بما يأخذنا إلى الهاوية في نهاية الطريق، هُم أصدقاء يعرفون قيمة ما يصنعون، وإن كان صغيراً إلا أنّه مُؤثّر جداً، يغيّر شخصاً واحداً فيكون قد غيّر الناس جميعاً، هُم لا يُكسرون عادةً، يُحبطون لحظات بسيطة لوجود عائق، وتعود الحياة لهم ما إن يتذكرون هدفهم الأسمى في هذه الحياة، هُم لاعبين في هذه الحياة من الدرجة الأولى، ليسوا هُواة أو لا يمتلكون الكفاءة، فأقل ما يمتلكون هوَ الحُب والشغف.

قد يعتقد البعض أنّني أقصد بالأصدقاء المُلهمين هُم بعض المُتملقين الذين يبحثون عن إرضاءك أو هُم الذين يقولون نعم باستمرار لا أبداً، إن الأصدقاء المُلهمين هُم الذين يغلقون بعض الأبواب التي تأتي منها رياح نتنة ويفتحون أبواب لم نكن نُشاهدها، هُم من ينُاقش ويجادل بطريقة مُحترمة يفتح آفاق التفكير والابتكار، لا الذي يغلق كلّ الأبواب أو الذي يفتح كلّ الأبواب لأجلك ظناً منه بأنّها مفيدةٌ ويضرّك بتشتُتك، هُم أصدقاء أحرار في قراراتهم الفكرية، هُم يختارون طُرقهم الخاصّة في العمل، لا يقبلون بالوضع الحالي أبداً، هُم يحاولون التغيير للأفضل دوماً وأبداً، فإن كَتبت كتاباً في بداية الأمر يُخبرونك بأنّك بحاجة للتعديل، وقد يُذهلون بإنجازك ولكنّهم يشيرون عليك بالاستمرار وإلا ستكون فقاعة صابونية، هكذا هُم بعض الأصدقاء الملهمين.

هذا النمط من الأصدقاء دوماً يطرح الخيارات حتّى وإن لم يكن هُناك داعٍ لها!، لكي تكون هناك نظرة واسعة حول الموضوع الذي تتم مناقشته، هُم لا يخشون البدء من لا شيء، ينظرون للأمور بالطريقة الإيجابية لا يهدمون أيّ فكرة، بل يحاولون تقويمها لتنال حقّها في الظهور، هُم قادرين على تبسيط الأمور بشكل لا يُصدّق، لكنّهم يحترمون كلّ شيء، فأن تكون رسّاماً ذلك يُعطيك صلاحية للرسم والمحاولة والفشل والنجاح، وهُم من يُساعدك على التطوّر بعد التوّقف الذي قد يطرأ عليك.

[highlight]هل تمتلك أصدقاء مُلهمين؟، أخبرنا بالمزيد عنك وعنهم، أكتب قصّة مُلهمة هُنا .. والرائع سأعيد نشره في تدوينة مُنفصلة خاصّة به.[/highlight]

الصداقة والأصدقاء

ثُمَّ الطريق .. (1)

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أبي الزهراء محمّد وآل بيته الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم إلى قيام يوم الدين.

“الصديق، ثُمّ الطريق” قالها الإمام علي عليه السلام، وترك التفكير لنا نحن عشيرة آدم (ع)، هل بالإمكان السير بطرقات الأرض دون وجود صديق يدفع بك تارة وتارة أخرى تدفع به إلى أعلى القمم؟، هل هناك شخصية مميزة ارتقت أعلى المناصب وحققت نجاحات عظيمة لوحدها؟ كل ما أعرفه هوَ أنّك (إذا كنت تريد أن تصل إلى أماكن لم يصل إليها أحد، فكن وحيداً، وإذا كنت تبحث عن الاستمرارية فتحلّق بالأصدقاء).

كيف يمكن للبعض أن يعيش من غير صداقات؟!، بل ويبحث عن طريقة لتفكيك ما جمّع من صداقاته في لحظة من لحظات نشوة غضبه!، “أعجز الناس من عجز عن اكتساب الإخوان، و أعجز منه من ضيع من ظفر به منهم” قالها المولى علي (ع)، وجمّد العقول في وصف العاجزين، فهوَ وضع لنا بصمة لا يمكن الاختلاف على جمالها، الأصدقاء هُم من يُنقذ الإنسان في الكثير من الأحيان إذا ما كانوا على قدر جيّد من الصلاح، ولست أدري ما سر الجفاف الذي يعيشه البعض في ألفاظهم مع البشرية عموماً، وغالباً ما يكونون غير قادرين على اكتساب الإخوان والأصدقاء، بسبب كثرة الانتقاد الحاد الذي يقدّمونه للصديق رغبة في نصحه!، لنقرأ هذا الحديث الشريف ونبدأ بمحاولة فهم طريقة الحياة “المؤمن ألفٌ مألوف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يُؤلف”.

للحياة الفاضلة والجميلة أرضية لابد منها، فلا يمكن لنا زراعة ورود ورياحين في صحراء قاحلة قبل إصلاحها، وطريقة الإصلاح الذاتي هيَ أولاً وأخيراً تكون وفق قاعدة [الأخلاق] التي ما إن كانت على قدر عالي من الصلاح، تكون الأرضية التي نبني عليها أركان حياتنا، والصداقة إذا ما رغبنا بفهم جزء منها، فهيَ صناعة ممتعة، يجب أن نستعمل فيها العديد من الأمور ولعلّ أهم هذه الأمور يتلّخص في [ الذوق، الفكر، القلب، الضمير، … ] لتكوين صداقة ناجحة، ويجب أن نتحمّل التعب قليلاً لكي لا نجمع الأحجار ونحن نظن بأنها جواهر، فالكنوز تحتاج إلى بحث شاق بين أعماق الأرض.

[ قصّة واقعية ]

لازلت أذكر بعض الأصدقاء من المرحلة المتوسطة في حياتي الدراسية، ولعَل أبرزهم صديقي (علي) الذي كان أحد الطلبة المميزين في مادّة اللغة العربية التي كانت بالنسبة لي عقدة –منذ الصغر- وكانت هناك مصلحة متبادلة بيني وبين هذا الصديق، ألا وهي الفائدة المتبادلة فقد كنتُ مميّزاً في مادة اللغة الإنكليزية وهذا ساعدنا على التعاون المشترك ووجود أرضية، ولكنّها لم تكن أرضية متينة، بل كانت أرضية مصالح متبادلة فقط وفقط!، وهذا أمر الآن يحزنني، لأنني الآن لا أدري أين أصبح هذا الولد وآخر أخباري عنه أنّه أصبح (عازف غيتار)! ليس أكثر.

[ لماذا الأخلاق مُهمّة؟ ]

لأنه قيل للإمام الصادق عليه السلام: “فلانة تقوم ليلها وتصوم نهارها، ومدحوها كثيراً، فقال (ع):
           – كيف هي مع جيرانها؟
           – فذمّوا علاقتها مع جيرانها، فقال (ع):
           – إذن لا خير في صلاتها وصيامها “

فالصلاة التي لا تصلح الأوضاع الاجتماعية هي صلاة فارغة من محتواها، فكما جاء في الحديث الشريف “كم من صائم، ليس له من صومه إلا الجوع والعطش، وكم من قائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش، وكم من قائم ليس له من قيامه إلا السهر والتعب”، حقيقةً كم هوَ مؤلم أن تكون صلاتنا لا تنفعنا ونقف غداً أما الجبّار بأيدي فارغة من الأعمال الصالحة التي تنجينا من لظى النيران، فلنبحث عن الإصلاح في حياتنا في كافّة مجالات الحياة.

{الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ}

تساؤلات:

           1- هل تصادقـ / ـين بكثرة؟
           2- هل من الضروري أن يكون لدينا أصدقاء برأيك؟
           3- هل الصداقة مسألة عادية؟، ولماذا؟
           4- كيف تختار / ين أصدقائك؟
           5-ما رأيك فيمن يؤثر الوحدة على الصداقة مع الناس ويتفاخر بعدم وجود أصدقاء في حياته؟