مُنَوّعَة

سمير سعيد، رحل

[quotes]عن رسول الله (صلى الله عليه وآله):”ما شبّهت خروجَ المؤمن من الدُّنيا إلا مِثلَ خُروج الصَّبيِّ من بَطنِ أمّه، من ذلكّ الغَم والظُلمة إلى رَوحِ الدُّنيا”.[/quotes]

 في هذا اليوم توارى جثمان الإنسان الرائع سمير سعيد في لحده، هذا الرجل الذي غيّر ملامح الكويت في لحظات رحيله إلى العالم الآخر، شخصياً لم تكن لي علاقة مميّزة به، أو حتّى لقاءات، لكنّه كان شخصاً مُلهماً، يمتلك الكثير من التأثير في محيطه، وفي غير محيطه، تعلّمنا الكثير منه دون أن يعطينا دروساً أو يقف ليقول بأنّه يجب عليك أن تفعل هكذا وهكذا.

سمير سعيد، كان إنساناً مِعطاءً لا يهاب شيء، شُجاعاً في قراراته، دقيقاً في تفاصيله، قدّم للإسلام الكثير، وقدّم للكويت الكثير، لم يكن من الذي يحبّون التبجّح بالعطاء ولم يكن يعشق المِنّة بل كان متواضعاً يُحب الصمت عند عمل الخير، كان يُعطي بيده التي لا يراها، لستُ أقول هذه الحروف اعتباطاً، بل يمكنكم الدخول إلى عالم تويتر أو الفيسبوك أو حتّى في المدونات وقراءة ما يكتبه محبّين هذا الإنسان، وقصصهم معه وتاريخهم مع رجلٌ عرف معنى (الأخلاق)، وعندَ البحث في حياته، سنجد الكثير من الدروس التي تُقدّم مجاناً للوصول إلى رضا الرّب، فقبل لحظات من كتابتي لهذه الحروف وجدت صورة عبر الإنترنت لهذا الرَجل وهوَ يقبّل قدم أمّه، نعم هكذا هُم الرائعون، يعطون دروساً مجانية في الحياة دون مقابل، وبأفعال يقومون بها لا بثرثرة أو إعلاميات كما يُمارسها البعض للوصول إلى الشُهرة، شُكراً من القلب يا سمير سعيد.

رحل اليوم سمير سعيد، وفي أي لحظة سأرحل إلى حُفرتي أنا أو أنت أو من نُحب، فلا تتأخّر يا قارئ حرفي عن فعل الخير ونشره في محيطك، ولا تقف هكذا دون صُنع ما يُدّخر لك في قبرك، وانتبه فليكُن زاد خير لا شر، ولا تنسَ أن مثقال الذرّة عامل فارق في حياتك.

أتقدّم بأحر التعازي لأسرة المرحوم بإذن الله سمير سعيد، ولجميع مُحبين هذا العملاق، وأسأل من الله لذويه الصبر والسلوان، ونسأل الله له الجنّة والرضوان.

وليشهد الله أني ما رأيت منه إلا خيراً

الصداقة والأصدقاء

ثُمَّ الطريق .. (1)

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أبي الزهراء محمّد وآل بيته الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم إلى قيام يوم الدين.

“الصديق، ثُمّ الطريق” قالها الإمام علي عليه السلام، وترك التفكير لنا نحن عشيرة آدم (ع)، هل بالإمكان السير بطرقات الأرض دون وجود صديق يدفع بك تارة وتارة أخرى تدفع به إلى أعلى القمم؟، هل هناك شخصية مميزة ارتقت أعلى المناصب وحققت نجاحات عظيمة لوحدها؟ كل ما أعرفه هوَ أنّك (إذا كنت تريد أن تصل إلى أماكن لم يصل إليها أحد، فكن وحيداً، وإذا كنت تبحث عن الاستمرارية فتحلّق بالأصدقاء).

كيف يمكن للبعض أن يعيش من غير صداقات؟!، بل ويبحث عن طريقة لتفكيك ما جمّع من صداقاته في لحظة من لحظات نشوة غضبه!، “أعجز الناس من عجز عن اكتساب الإخوان، و أعجز منه من ضيع من ظفر به منهم” قالها المولى علي (ع)، وجمّد العقول في وصف العاجزين، فهوَ وضع لنا بصمة لا يمكن الاختلاف على جمالها، الأصدقاء هُم من يُنقذ الإنسان في الكثير من الأحيان إذا ما كانوا على قدر جيّد من الصلاح، ولست أدري ما سر الجفاف الذي يعيشه البعض في ألفاظهم مع البشرية عموماً، وغالباً ما يكونون غير قادرين على اكتساب الإخوان والأصدقاء، بسبب كثرة الانتقاد الحاد الذي يقدّمونه للصديق رغبة في نصحه!، لنقرأ هذا الحديث الشريف ونبدأ بمحاولة فهم طريقة الحياة “المؤمن ألفٌ مألوف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يُؤلف”.

للحياة الفاضلة والجميلة أرضية لابد منها، فلا يمكن لنا زراعة ورود ورياحين في صحراء قاحلة قبل إصلاحها، وطريقة الإصلاح الذاتي هيَ أولاً وأخيراً تكون وفق قاعدة [الأخلاق] التي ما إن كانت على قدر عالي من الصلاح، تكون الأرضية التي نبني عليها أركان حياتنا، والصداقة إذا ما رغبنا بفهم جزء منها، فهيَ صناعة ممتعة، يجب أن نستعمل فيها العديد من الأمور ولعلّ أهم هذه الأمور يتلّخص في [ الذوق، الفكر، القلب، الضمير، … ] لتكوين صداقة ناجحة، ويجب أن نتحمّل التعب قليلاً لكي لا نجمع الأحجار ونحن نظن بأنها جواهر، فالكنوز تحتاج إلى بحث شاق بين أعماق الأرض.

[ قصّة واقعية ]

لازلت أذكر بعض الأصدقاء من المرحلة المتوسطة في حياتي الدراسية، ولعَل أبرزهم صديقي (علي) الذي كان أحد الطلبة المميزين في مادّة اللغة العربية التي كانت بالنسبة لي عقدة –منذ الصغر- وكانت هناك مصلحة متبادلة بيني وبين هذا الصديق، ألا وهي الفائدة المتبادلة فقد كنتُ مميّزاً في مادة اللغة الإنكليزية وهذا ساعدنا على التعاون المشترك ووجود أرضية، ولكنّها لم تكن أرضية متينة، بل كانت أرضية مصالح متبادلة فقط وفقط!، وهذا أمر الآن يحزنني، لأنني الآن لا أدري أين أصبح هذا الولد وآخر أخباري عنه أنّه أصبح (عازف غيتار)! ليس أكثر.

[ لماذا الأخلاق مُهمّة؟ ]

لأنه قيل للإمام الصادق عليه السلام: “فلانة تقوم ليلها وتصوم نهارها، ومدحوها كثيراً، فقال (ع):
           – كيف هي مع جيرانها؟
           – فذمّوا علاقتها مع جيرانها، فقال (ع):
           – إذن لا خير في صلاتها وصيامها “

فالصلاة التي لا تصلح الأوضاع الاجتماعية هي صلاة فارغة من محتواها، فكما جاء في الحديث الشريف “كم من صائم، ليس له من صومه إلا الجوع والعطش، وكم من قائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش، وكم من قائم ليس له من قيامه إلا السهر والتعب”، حقيقةً كم هوَ مؤلم أن تكون صلاتنا لا تنفعنا ونقف غداً أما الجبّار بأيدي فارغة من الأعمال الصالحة التي تنجينا من لظى النيران، فلنبحث عن الإصلاح في حياتنا في كافّة مجالات الحياة.

{الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ}

تساؤلات:

           1- هل تصادقـ / ـين بكثرة؟
           2- هل من الضروري أن يكون لدينا أصدقاء برأيك؟
           3- هل الصداقة مسألة عادية؟، ولماذا؟
           4- كيف تختار / ين أصدقائك؟
           5-ما رأيك فيمن يؤثر الوحدة على الصداقة مع الناس ويتفاخر بعدم وجود أصدقاء في حياته؟