أعمالي, أفكاري, خواطري, ذكرياتي

للمحرومين من كربلاء ..

سأبتكر ذلك الحرف الذي يصف الوجع الذي يشعر به المَحروم من زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) في يوم عرفة، سأبحث عن لغة الاشتياق التي تنتشلني من خلف الشاشة لأتنفّس عطر مهد الرضيع في كربلاء، سأكتشف الكلمات العظيمة التي تأخذني إلى جنب نهر العلقمي حيث يرقد قطيع الكفوف العبّاس (عليه السلام)، ولكن متى يحين موعد هذه الابتكارات والاكتشافات .. لستُ أدري!.

يسألني “لم تُسافر إلى الحُسين (عليه السلام)؟” .. والأخر “أنتَ هُنا؟” لو كانت هذه الأسئلة موجّهة لي في عالم الكتابة، سأجيب بكل بساطة، أنا في كربلاء مع كُل نُطق لاسم (الحسين)، أنا هُناك في كربلاء مع كُل دمعة، أنا لستُ هُنا مع كُل قراءة لزيارة عاشوراء، أنا أسافر إلى كربلاء كُلما سمعت صوت ذلك الكربلائيّ الباسم وهوَ يرثي النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) وعترته الطاهرة (عليهم السلام)، أنا أصرُ على البقاء في حُلمي الجميل لحظة الكتابة عن كربلاء. عاشوراء. الحُسين. أصرّ على المكوث في هذا العالم بعيداً عن الوسادة التي تخرّب كُل رحلة جميلة إلى عالم البُكاء حرفاً.

في عالم كربلاء .. هُناك قصيدة لم تُكتب. هُناك نثر لم يُقرأ. هُناك طورٌ حزين لم يُسمع إلى الآن. حتّى الدموع في كُلٍ منها حكاية لم تُعلن. أدركت في لحظة ما أنّ جُل الرسائل لا تصل إلى أصحابها بشكلها المطلوب، فرسائلنا تفتقد إلى الإحساس العظيم الذي يُغلّف الحُروف، إلا أنّ رسائلنا إلى كربلاء تصل كاملة غير منقوصة، ممتلئة، مُختلفة عن بقيّة الرسائل، فالساعي هُنا هوَ القلب النابض بالإحساس لا الساعي الذي مات في لحظة ما واختفت رسائلنا من بين يديه، لهذا أدعوكم جميعاً للكتابة عن كربلاء. أحداث كربلاء. مشاعركم اتجاه كربلاء وما حصل في كربلاء، فالكتابة عنها بحدّ ذاتها عبارة عن رحلة عميقة جداً في عالم البُكاء والدمع والاقتراب من الحُسين (عليه السلام) بشكلٍ من الأشكال.

فلنزرع الصحراء دموعاً، وننتظر ميلاد ساعة الظهور.

لا تنسونا من دعائكم في يوم عرفة، لا تنسونا من زيارتكم يا زّوار الإمام الحسين (عليه السلام)، لا تنسونا من دموعكم علّنا نغرق بها ونصل إلى كربلاء.

خواطري

عجلة الأيّام، تطحنني.

‫تحرّكت عجلة الأيّام بطريقة مجنونة في الأشهر السابقة، فقدت شهيتي لصنع شيء جديد، فقدت العزيمة التي كُنت أتمتّع بها في وقتٍ مضى، بل وفقدت الرغبة التي كُنت أتغنّى بها، لم أعد كما كُنت، ولم أكن أعرف الحلول التي يجب عليّ اتباعها للعودة إلى نسق الحياة التي أُحب، بل لم أكن أبحث عن حلول حقيقيّة لما أنا فيه من فوضى كبيرة، فلم أكن قادر على العطاء في محيط العائلة كما كُنت أفعل، ولم أكن قادر على التخطيط بشكل سليم لمشاريعي التي بين يدي، ولم أكن قادر على تقديم المساعدة في أيّ مكانٍ اعتدت على تقديم شيء فيه!، كُنت أشعر بالضياع.

‫في الفترة التي مضت شعرت فعلياً بأنني (مُهمل) فكُل شيء كان يشعر بأنني لا أعطيه حقّه!، كُل شيء يخبرني بأنني مقصّر، كُل شيء غير مُكتمل. – لا أزال أتذكّر نصيحة أحد الأصدقاء لي بأن أكمل مشاريعي بشكل مميز كما أنطلق بها -، في الأشهر المنصرمة كُنت أبحث عن طريقة للهرب من الوقوف مع عقلي وقلبي لإيجاد حلول للمأزق الذي وقعت فيه، كُنت أفكّر بطريقة للصمت، للتوقّف عن التفكير بكل شيء مُعطّل، لم أكن أبحث لنفسي عن شيء، اكتفيت بأداء واجباتي بطريقة تجعلني أقبل بما صنعت! – أنا الذي لم أكن أقبل بغير الاتقان وصلت إلى هذا الحد من التطرّف في الاهمال -، وصلت إلى هذا اليوم وأنا كُلّي ندم على الكثير من الأوقات المهدورة في الفترة الماضية، حين لا ينفع الندم، ندمت.

‫الصفعة التي تلقيتها وأيقظتني هيَ بطء تطوّر المشاريع التي أديرها وإحساسي بالتقصير مع عائلتي وعلاقاتي الذي بدأ يستفحل في عقلي وقلبي، كان خير معين لي لاستعادة شيء من نشاطي، لاستعادة شيء من أفكاري وتخطيطي، كما أنّي حقاً أمتلك أسرة وعائلة مُذهلة أشكر الله عليها، لأنّهم قادرين على التعامل معي وأنا في أسوأ أحوالي، وهُم يساندوني على الرغم من تقصيري في حقوقهم، كما أنني أمتلك مجموعة من الأصدقاء الذين لا يتركوني أسكن في فخ (الاهمال) كثيراً، بل يذكّروني بما يجب على صنعه.

‫برمجة أوقاتي الخاصّة بالعمل والخاصّة بالعائلة، هي أحد أهم الأولويات التي ستساعدني على تقديم الأفضل في المجالات التي أبحث عن الاتقان فيها، عودتي لعالم الفوتوشوب جعلتني أستعيد شيءٌ من بريقي الذي فقدته – أشكر من أعانني على العودة إلى هذا العالم الجميل – كما أنّ الكتابة التي أفتقدها سأعود لها -شكراً لمن افتقد حرفي وأخبرني بأنه يفتقده- بعض الحماس دبّ في عروقي بسبب بعض الومضات التي تطايرت أمامي في كُل الأوقات السابقة، حرّكت ذاكرتي اتجاه الايجابيات التي حصلت لي في كُل الفترة الماضية، وهذا التحريك قادني للعودة إلى الخط الذي أعتقد بأنّه سيقودني إلى مكانٍ مميّز في قادم الأيّام.

* الإحباط يتغذّى على حالة الاهمال التي تسكننا فجأة، لندرس أسباب اضمحلال رغباتنا، لنعرف نقاط قوّتنا لنركّز عليها، لنعمل بهدوء على نقاط ضعفنا دون تهويلها. 

خواطري

ما لهذا الليل؟

ما لهذا الليل؟ يأكل روحي، يسكن صدري، يتركُ ظلاماً قاتلاً يقتات من قلبي! ما لهذا الظلام ينفخ نجوماً جارحة تحفر في الأمس وتغرس أضافرها في ذكرياتي، تُبكيني. تَبكيني وتُمزّق رسائلي الآتية من ذلك الماضي. تترك عقلي تائهاً في دهاليز مظلمة لا شبيه لها، معتمة، لا نور ولا صوت. ما لهذا الليل؟ يسرق حروفي ويهرب بعيداً مُختبئاً خلف ضوء النهار. لم هذا الليل يجرّدني منّي ولا يتركني إلا والألم مغروس في خاصرتي؟ يسحل ما تبقى من روحي في أسواق التائهين يعرضها للبيع ولا يجد مُشتري، من يبحث عن روح عليلة؟ من يبحث عن روح مُثقلة بالأسى؟.

وما أن يطل الفجر وينشر خيوطه ويبدأ بالسيطرة على السماء في معركة لا نهائية حتى تبدأ دموعي بالظهور علانية بلونها الأسود مُسطّرة بَعض الكلمات فوق البياض المُزعج، البياض المستفز، أتثاءب وأنا أقرأني، والنوم يحاول فرض هيمنته، إلّا أنني لا أهدأ ولا أنام، بل أقاوم هذا النوم، وأنتظر انبلاج الصباح وأنفاسه العظيمة، علّها تطهّر شيئاً من جرائم الليل، وأستلّذ بمشاهدة هروب ضوء القمر من فوق صدر الأرصفة، يضمحل نوره ويختفي خلف شمسٍ لا ترحمنا بحرارتها، إلا أنّها أجمل من ليلِ القمر، أحتضن أوراقي -وإن كانت إلكترونية- أحتضنها بقوّة، خوفاً من هربها، هي التي عهدتها كتومة، إلا أنّها ومع كُل قطرة ندى، تُفكّر بالهروب بعيداً عن جنوني وسطوتي .. ولا تتمكن من ذلك، لأنني أكتبها بلغة الدمع.

كل ما أبحث عنه مع انطلاق يوم جديد من أيام حياتي هو الاحساس بشيء من الحُب الذي يغذي الكون بالطاقة، هذا الاحساس الذي يولد في وجه طفل ويكير في قلب زوجة ويثمر في ابتسامة تُطبع على وجه أم وأب، تزيل آثار معارك الأمس، وروايات الأسى التي تأتي كل ليلة، دواؤها المُجرّب هو الاحساس بمن يحبك وتحبّه، بمن يعاضدك ويصنع من حياتك المهترئة شيء ثمين يستحق البقاء على قيد الحياة ليومٍ آخر، هؤلاء من يبتكرون الابتسامة التي تسكن شفاههم -مقدسين- بشكلٍ ما، هُم يعيشون في خيالات أجمل من واقعنا المُهشِّم لكل ما هو جميل، هم من يرفع قلم ليتعارك مع سلاح قاتل! هُم من يبكي لبُكاء طفل، هُم باختصار .. بشر يمتلكون طُهراً فريداً من نوعه.

هذا المقال قد يكون لا يحتوي على فكرة، قد يكون بلا فائدة، اعذروني لإضاعة أوقاتكم بقراءة مثل هذا الشيء، إلا أنها مشاعر لا بد لها من ظهور.

خواطري

وكان القمر دامياً ..

كان القمر دامياً، حين قفزت عقارب الوقت بلا رحمة خاطفة كُل المشاعر، لتصفع بها وجه الحياة، أمّا البشر فبيوتهم أغلقت أبوابها، والنيران أصبحت أقرب إلى العيون؛ أقرب من أيّ وقتٍ مضى، وصوت خطوات الضباع فوق رمال المدينة أوضح؛ أوضح من أيّ وقتٍ مضى!، أكمل قراءة المقالة ←