هل أرفعُ إليكَ المأساة؟ أنتَ أدرى. هيَ حُروف أنكتُ بها جراحاتي علّ الصُبحَ يُطل. هل أكتب إليك؟ أنا أكتبني لا أكثر. أحمل في داخلي ليل لا ينقضي، أُغذّيه دُموع افتقادكَ سيّدي ويبقى. ما عادَ لصبري وُجود، كُلّما خاطبته لم أجده، لم يعد لصداه أثر في حياتي، كأنّي تماهيت مع كُل حُزن يخيط ذِكراه في رحلة حياتي. سيّدي إنّ الكلمات لا تنصفني، مبتورةٌ هيَ بلا دِماء، وحيدة هيَ تلوكُ البياض وتبتكر وجودها علّها تنجو من الإبادة التي تمارسها هذه الحياة.
حُلم؟ لا فأحلامي لم يظهر فيها النور. كُل قتلى الأرض يحيطون بفِراشي قبل النوم، كُل صَيحة أطلقها طِفل مظلوم في هذا الكون يَرِنُ صداها في رأسي، وكُل دِماء سالت بغير حقّ في هذه الحياة تُغرق رأسي. حُلم؟ لا. أبكيك في كُل هُدوء يَطأ صدري بِحذائه، أبكيك وأُكاتِبُك عليّ أهدأ. أكاتُبك علّي أرى بعين البصيرة ذاك الصَباح، وأتحسس وجهي المُحفّر، أتلمّس الأمس القريب، أرى انفجاراً يُخفي الأحباب خلف الضباب، خلفَ الموت. أجُرّني لأكتب الموت. فإنّا لسنا بخير، وربّ العباد لسنا بخير. هذه الأيام لم تَترك الخير يَمر من بين خيوطها، هذا المساء يُمزّق كُل خير، هذه السِنين ما عادت تُنفقُ الخير، بل حَتّى السماء حبَست قطرها، كُل رفاقي ليسوا بخير، كُل القلوب التي سكنها رسمُ اسمك وذكرك ليست بخير، سيّدي؛ وربّ العباد لسنا بخير، نهفو إلى لقياك لنكتسي حُلة الخير، حُلة المستضعفين، هلمَّ إلينا سيدي لتقتل التنين الأحمر، لتقتلع رؤوسه السبع ولتَكسر قرونه العشر. هلُمّ إلينا سيّدي، لسنا بخير فالأفعى عاثت في قلوبنا فساداً لا يبرأ إلا بك.
إن من العَدالة أن نبكي افتقادك، كما أنّ من العدالة أن نُسعَد بطلعتِك البهيّة. بين حيرتنا والغموض يَكمن السؤال: متى؟ متى تُمسح رؤوسنا بيدك الحانية فنُبعثُ من جديد، مع الشهقات لتعود الابتسامة إلينا، يا وَعد السماء أمنياتنا عُقِدت مجالسها في كُفوف الدعوات، هيَ لن تشعر بالتيه هيَ الأقدر على الوصول إليك: “ربّ عجّل فرج مولانا”، عجّل فالاشتياق صَنع لنا حواساً جديدة، بلمسةٍ واحدة لشُبّاكِ ساكن كربلاء قد نصل ونَحظى.
متى أصيرُ قوياً لأصفع المسافات لتُمحى الخيبات؟
××
كُل عام وأنتم بخير بذكرى ميلاد مُنقذ البشرية من هلاكها، إمامنا المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف)