الصفحة البيضاء قد تُشكّل تحدّي لا يُمكن هزيمته بالطُرق التقليدية، فأن تتسلّح بقلم لا يعني أن تستطيع هزيمة هذه الصفحة، وأحياناً يُصبح الأمر مُملاً جداً وتبقى أنتَ في حالة من النقاش الدائم مع ذاتك: هل أستطيع هزيمة هذه الصفحة؟، وللأسف أعرف الكثير من الأصدقاء الذين حاولوا في البداية وتمكنوا من هزيمة هذه الصفحة إلا أنّهم فشلوا في وقتٍ لاحق، ورفعوا الرايات البيضاء، بكل هُدوء انسحبوا من عالم الكتابة، وللعديد من الأسباب وأهمّها، تحدّي الصفحة البيضاء.
هُناك الكثير من التقنيات التي أوصى بها الكثير من الكتّاب حول العالم، إلا أنّ بعض الكُتّاب اعتقدوا أنّ هذه التقنيات هيَ وصفات سحرية يُمكنها حل المعضلات بمجرّد القراءة عنها، أو حتّى بمجرّد تجربتها من أوّل مرّة، للأسف لم يفهم هؤلاء الكتّاب أنّه لا توجد طريقة مُختصرة للكتابة، ولا توجد تقنية بإمكاني نقلها لكم عن كبّار الكتّاب بإمكانها تغيير حياتكم الكتابة للأبد إذا لم يلتزم بها الكتّاب بطريقتهم الخاصّة، فعلى سبيل المثال لو نصحتكم بالدفتر الصغير الرائع الذي يبقى معكم 24 ساعة وتدوّنون به كلّ ومضة تظهر أمامكم، فعلى سبيل المثال لا الحصر، تغريدة جميلة أثارت لديكم تساؤل، تدوّنوها مع مصدرها بشكل طبيعي، وبعدها تتقلّب في عقلكم الباطني، وعندما تبدؤون بالكتابة ستجدون بعض الحبر يسيل، ولكن تخيّلوا أنني نقلت هذه التجربة، وبعض الكتّاب الباحثين عن صنع شيء، عرفوها ورحلوا محاولين الثرثرة حول هذه النقطة، وعدم العمل بها فعلياً!، الكتابة عمل فيه مشقّة بعض الشيء، ولكن نتائجه مُذهلة.
قد يأتي على رأس القائمة في النصائح التي ينقلها كبّار الكتّاب، وكبّار الكتابة الإبداعية وحلول مشاكل الكتّاب، كحبسة الكاتب، هيَ القائمة الصغيرة، وهيَ قائمة أفكار تدوّن في مكان ما، (أنصحكم بشكل خاص، عند شراء دفتر للأفكار، يكون دفتر تسمح لنفسك بالكتابة فيه بكل الأشكال، أفقي عمودي، دائري، المُهم هوَ الكتابة، لا الحفاظ على جمال الدفتر)، هذه القائمة تأتي عبر المُلاحظة اليومية للأمور التي تمرّ أمامكم، وهيَ طريقة للانطلاق، عندما تأتي لحظة الكتابة، افتحوا الدفتر وابحثوا عن موضوع يهمّكم الآن، واكتبوا، لا تسمحوا لعقولكم بالعبث كثيراً، فالعقل قد يوقفكم عبر الإيحاء بأنّ الموضوع سيء، ويكون هوَ الناقد الذاتي القاتل لكلماتكم!، مرحلة النقد تأتي بعد الكتابة –نصيحة أخرى، لا تقسوا على أنفسكم-.
من أجمل النقاط التي قرأتها في أحد كُتب الكتابة الإبداعية وللأسف لا أذكر مصدرها، هيَ أن تكتب (أنا أتذكّر …) وبعدها تنطلق مع ذكرياتك، ستجد شيء مُثير للاهتمام حتماً، وتغوص فيه، وتذكّر هُناك بعض الأمور أنتَ تُحبّها بشكل كبير، وأشياء تكرهها بشكل كبير أيضاً، هذه الأمور تُساعد في الكتابة، وتعطيك كلمات إضافية!، جرّبوا وصف مكان أحببتموه سابقاً، فوصف الأماكن يُمطر الكلمات على صفحاتكم، فأنتم عندما تصفون مكان، ستتعرفون على الألوان والأصوات والروائح، هذا المكان سنحبّه عندما نقرأ كلماتكم عنه، لأنّكم أحببتموه، لا تكتبوا أحببنا المكان، صفوه لنا، اجعلونا نرغب بالوصول إليه دون أن نشعر.
أقسى اللحظات أيضاً هي حديقة خصبة للكتابة، الرحيل بكل أشكاله، يعطي قوّة للكلمات لم تشاهدوها مسبقاً، بل لم تتعرّفوا عليها أيضاً، جرّبوا البحث عن قصيدة تُحبّونها وانطلقوا من أحد المقاطع ستجدون شيء مُختلف ظهر معكم.
ابدؤوا بالبحث عن طريقتكم الخاصّة في عالم الكتابة، طريقتكم في استكشاف كلماتكم، ستجدون الكثير، وستكتبون أمور جميلة تُثري العالم أجمع، تذكّروا ليس كُل ما يُكتب ينال رضا البشر، أنتم بحاجة لشخص واحد يدفعكم للأمام، وأحياناً يكون هذا الشخص هوَ أنتم، فالكتابة عمل يحتاج للمُساندة بشكلٍ ما.