365

(19) نحن بحاجتك

لستَ متأخراً أبداً، أنتَ الآن في المكان والوقت الصحيح لاختيار هوايتك، لاختيار طريقتك في هذه الحياة، لم يمضِ الوقت، أنتَ الآن قادر على القراءة، قادر على الاختيار. هل ترغب بالكِتابة؟ ابدأ الآن فبمجرّد أن تبدأ ستجد نفسك في حالة مرضية، أسميها “لعنة الكتابة”، ستكون تحت رحمة الأفكار التي قد تأتي إليكَ لتكتب نصوصاً تُدهشنا فيها. فقط تذكّر أنتَ لستَ مُتأخّراً أبداً.

هذه الأعذار الواهية التي نلقيها في طريقنا عمداً، هيَ من تجعلنا لا نصنع شيء في هذه الحياة، ولا نُكمل المشاريع، اليوم تحدّث خالي العزيز “عيسى” عن صديق له فاق عُمره الـ 60 عام، تمكن هذا الرجل من الحصول على شهادة الدكتوراه في مجاله بعد أن بلغ هذا العُمر، لم يَمسح لنفسه بأن تتجبّر وتُخبره بأنّه كبير بالسن ولا يُمكنه تذكّر شيء. بل قاتل هذا الرجل للحصول على هذه الشهادة. هذه الأعذار التي نبحث فيها لنفسنا عن مخارج أمام ضمائرنا التي تنهشنا لتُحقق شيء هيَ من يُحطّمنا في غالب الأحيان.

يُحكى أنّه في مدينة من مُدن العِلم وقد تكون مدينة النجف الأشرف، كان هُناك طالب علوم دينية كبير في السن، لم يَكُن يُحسن القراءة والكِتابة حتّى وقت مُتأخّر من حياته، تعلّم القراءة والكِتابة بمشقّة كبيرة، وبعدها بدأ بطلب العِلم ولم يكن يمتلك أموالاً تُسفعه للحياة بكرامة في كثير من الأحيان، لهذا كان يدرس تحت ضوء قناديل الشوارع وبعِبارة أدق “قناديل الحَمّامات العمومية”، عِندما سُئل بعد فترة من الزمن، لماذا كُل هذا أيها الكهل؟ كانت إجابته ببساطة أن الشغف قاده لهذا الأمر، وأنّه سيكون حُجة على طلبة العِلم الكُسالى، الذين توفّرت لهم كُل سبل الراحة.

أعذرانا نحن الكُتاب أو الذين يرغبون بإنتاج المُحتوى الإبداعي واهية جداً، نحن في زمنٍ تتوفّر فيه أدوات الكِتابة بين أيدينا، ويُمكننا النشر متى ما شئنا، فقط نضغط على الأزرار ويكون رأينا وتجاربنا مُتاحة للجميع، هل أنتَ مُدرّب كُرة قدم؟ جرّب الكِتابة عن هذه التجربة وبشكل يوميّات، سترى أنّك ألهمت الكثيرين في مجالات مُختلفة ليكتبوا يومياتهم المهنية. لا تبحث عن المال في عالم الكِتابة وخصوصاً في عالمنا العَربي، ابحث عن تقديم خِدمة عظيمة للقرّاء وتجربة مثيرة لهم. لا تُصدّق بأنّ التدوين انتهى عُمره، وأنَ المواضيع كُلها كُتبت. فكُل كِتابة تختلف، وكُل شخصٍ فينا له بصمة تُميّزه عن الآخرين.

نحن بحاجتك، فأنت تجربة حياتية لها أثرها في هذه الحياة.

نُشرت بواسطة حسين مكي المتروك

ضع تعقيباً ..