أكتب لك اليوم عن أشياء تعلمّتها بالتجربة الشخصية، أو بالطريقة الصعبة، بالفَشل والسقوط بشكلٍ بشع. وبعضها لازلت أمارسها وأتفحّص جدواها، وقد لا تنجح معك، لا بأس بذلك فالأمر لا يعتمد كثيراً عليّ، بل هوَ خاصٌ بكَ أنت، كما أنني أؤمن بأنّها أمور حقيقيّة جداً، ولها أثر مباشر على حياتي الخاصّة والعامّة بشكل واقعي، لا مُجرّد كلمات أدوّنها لك هُنا.
تذكّر جيّداً أنّ الحياة ليست سهلة، لا تحاول جعلها كذلك، أخذ هذه الحياة بكل يُسر هوَ أمر يجعلك أكثر كسلاً، ولا تشعر بأهمية الوقت، ولا بأهميّة أيّ شيء يحيط بك، هيَ ليست سهلة مُجملاً، نحن في حالة حرب دائمة مع النفس مع الأفكار مع الأسئلة مع الآخرين مع الوجود، نحن نُقاتل يومياً لنكسب لحظة سعادة نغوص فيها طويلاً، فقط تذكّر أنّ الحياة ليست سهلة كما يتم تصويرها في الإعلانات وفي مواقع التواصل الاجتماعي، إن كُل نجاح تراه أمامك وترغب بتكراره، هوَ عبارة عن جُهد كبير جداً، سنوات من العطاء والبذل والفشل والصعود والنزول. لا تسقط في هذا الفخ أرجوك. قُم وانهض، واصنع شيء.
ماذا تُريد في هذه الحياة؟ في كُل فترة اسأل نفسك هذا السؤال، ستجد أنّك تُغيّر الإجابة وهذا أمر طبيعي جداً، فما نُريد أحياناً يتطوّر وأحياناً ينكمش وفق الظروف المُحيطة. أحياناً يتغيّر كُلياً، وأحياناً نشعر بالكَسل -وهُنا علينا الرجوع إلى ماضينا إلى أمر يجعلنا ننهض مُجدداً- كما أنني أطلب منكَ ان لا تدخل في نظرية “الضحيّة”، أنتَ لستَ ضحية، كُلنا نعيش الظروف القاهرة ذاتها، قلّة من وُلِدوا وفي أفواههم ملاعق ذهبية، لكنّهم فقراء في جوانب أخرى، ويتساءلون عن أهدافهم في كُل حين.
هُنا يتوالد سؤال آخر؛ ما هوَ النجاح؟ ولا أعني بالنسبة للمُجتمع بتاتاً، ولا أعني بالنسبة للمحيطينَ بك، بل إنّي اعنيك أنت، هل تُريد الحُصول على عائلة سعيدة؟ هل تُريد الحصول على الأموال؟ هل ترغب بالوصول إلى مستويات علمية عُليا؟ هل تطمح لأن تكون لاعباً مُحترفا؟ كاتباً مُلهماً؟ مُتحدّث بارع؟ مُصوّر مُصمم مُخترع رّحالة؟ هل ترغب بتغيير العالم ليكون في حالة أفضل؟ استمر بسؤال نفسك هذا السؤال لكن هُنا انتبه لا تختار أمراً يُدمّر روحيّتك، يدمّر وجودك، نعم يُمكنك الفشل، لكن لا تختر أمراً لا ترغب بهِ حقاً، لا تشعر بأهمية التواصل معه بشكل مُستمر. يا تُرى من أنتَ اتجاه هدفك؟ أينَ أنتَ الآن؟ وإلى أيّ مدى أنت مُستعد للتضحية؟ .. قُل (لا) للأمور التي تستنزفك في أمور لا تكون مُهمّة في رحلتك -إلا إن كُنت مُستعداً لخسارة بعض الوقت والجُهد-، هل تُريد أن تخسر فعلاً؟ أجب على هذا الأمر لتتحصّل على معرفة: “ما هيَ الخسارة بالنسبة لك؟”.
علينا أن نعمل بشكل يومي، نعتني بحديقتنا الخاصّة، بأفكارنا، بإلهامنا، بعلاقاتنا، علينا جعل الأشياء المُهمّة بشكلها الأفضل، فإن كُنا نُريد الحصول على قلم مُؤثّر علينا بالقراءة والكِتابة، إن كُنّا نريد أجساماً مُرتبّة علينا الذهاب إلى النادي يومياً والمُحافظة على نظام غذائي يومياً، بغير هذه الطُرق نحن غالباً لن نصل، لا توجد أسرار في الكثير مما نصنع، الأمر يحتاج إلى مجهود كبير. وفي عالمنا اليوم يُمكننا معرفة من نحن؟ بما لا نكونه نحن؟ إنّ هذا السؤال هوَ عُنصر الإزالة المُهم، لنزيل كُل شيء يجعلنا نبتعد عمن نحن!، هل لديك علاقات شخصية مُؤذية لا تقودك لصنع شيء؟ هل هُناك أوقات تشعر فيها أنّك تحتاج للهرب من المُحيط الذي أنتَ فيه؟ اصنع ما تَراه مُناسباً ويحفظ لك الوقت والجُهد، فهذين الأمرين لا يعودان بعد أن يُنفقان.
الأمر جداً صحّي إذا تمكنت من إقصاء كُل ما يعيقك أو يدمّر روحيتك، لا تهتم لـ من؟ أين؟ ماذا؟ ومتى؟ كُن أنتَ بإقصاء ما يحتاج إلى هذا الأمر. لا تقلق، تجربتي أخبرتني أنّ الخيارات كثيرة جداً، وأنتَ لستَ بحاجتها جميعاً، فإن كُنت تريد أن تستثمر كُل الخيارات وتريد أن تعيشها جميعاً، فأنت تُمزّق نفسك لا أكثر. قلل الخيارات وستضع أمام عينيك الخِيار الأفضل لك.
نحن بنائّين ذواتنا، وللبناء نحن بحاجة للإرادة. لنقم بدراسة عاداتنا الخاصّة، تجاربنا اليومية، لنفهم هل هيَ تقودنا إلى ما نطمح إليه في هذه الحياة؟ أم أننا أضعنا البوصلة منذُ زمنٍ طويل. لنقم بدارسة مُتعتنا الخاصّة، دموعنا الغالية، ضحكاتنا، أحزاننا، لنفهم شيء عنّا. وبعدها لنقم بما نُريد، وإن فشلنا مُجدداً؟ لا بأس لنُعدِ الكرّة، علينا أن نتحرّك للأمام، فالحَسرة والندم الذي لا يقودنا للتصالح مع أنفسنا هوَ ندم يقضي علينا حتماً، اقلب الصفحة، أكتب رحلتك الخاصّة بنفسك.