يقول الفّذ الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام): “قُرِنَت الهيبة بالخيبة، والحياءُ بالحِرمان، والفرصَةً تمرُّ مرّ السحاب، فانتهزوا فُرص الخير”.
عندما يتحدّث أمير المؤمنين فعليّ الإصغاء، كُلّما استندت إلى جدار اليأس أفتحُ كِتاباً بحثاً عن كلمة تُعيد ترميم شتاتي، أبحث عن الكاف والنون التي تُحرّكني مُجدداً، فالقيد الذي طوّقني لا يوجد ما يَكسره سوى كلمة. وما أحلاه من تَحرّر إذا ما كانت الكلمة التي تبثّ الحياة فيّ مُجدداً صادرة عن المُعلم الأكبر ابن أبي طالب (عليه السلام).
كُلما فكّرت بكمية المشاريع التي تركتها مهجورة، وتلك التي تحطّمت في منتصف الرحلة يداخلني إحساس بالعجز، كُلما راجعت عدد المقالات التي كتبتها ولم أنشرها، عدد الروايات التي خططت لكتابتها وفشلت في كِتابتها، عدد الشباب الذين كانوا يعاضدوني وأعاضدهم وانهدمت أواصر الأعمال الإبداعية بيني وبينهم، كُلما شاهدت ما صَنعت فيما مضى وكيف أصنع الآن، أجد الخنجر المغروس في خاصرتي يتحرّك. كُنتُ فيما مضى أحث الآخرين على العطاء والابداع في شتّى المجالات، عندها لم تكن لكلمات مثل “مستحيل، لا يُمكن” وجود في قاموسي الشخصي، لم أكن أستشعر “الهيبة / الخوف”، فهذا الشعور مُعْجِز، يشل الحركة نهائياً يصنع منّي لعبة طينية تتحدّث بلا أفعال.
عن واقع تجربة “من تهيّب أمراً خاب من إدراكه” فلا يُمكن للخوف أن يقود للإبداع أو حتّى للإنجاز، فالخوف في كثيرٍ من الأحيان يقودنا للفشل حتّى قبل أن نبدأ، أمّأ “الحياء” فهوَ سلاحُ الضعفاء لتبرير الفشل، فمن خلال معاشرتي للعديد من الشخصيات المُختلفة وجدت أن من استخدم “الحياء” في غير محلّه كان يستخدمه للهرب من المسؤولية.
أكثر من مشروع واحد!، في وقتٍ مضى كُنت أؤمن بقدرة الإنسان على أن يتشظّى في أكثر من مشروع، وأن يكون قادراً على أن يكون جهاز كمبيوتر، إلا أنّني الآن وبعد تجربة ميدانية يُمكنني القول بأنني أخطأت، التركيز لفترة سنتين أو ثلاث على فِكرة ما وتطبيقاتها المتنوعة أعطتني خبرة مُحدّدة تمكنت عبرها من تقديم العون لمن يتابعني أو يحيط بي، لم أكن أعلم بأنني اختفيت فجأة من وجودي في حيوات الكثيرين بسبب ضياعي بين مشاريع لم تكن قادرة على النهوض دون وجودي الكامل فيها، مرّت بعض الفُرص وأعتقد أنني أضعتها، بعضُها مثل: أغلق المشروع الفلاني، تخلّى عن هذه الفِكرة، عُد إلى ما تبرع فيه، إلا أنني الآن بعيد جداً عن مثل هذه الخطوات. لكن سيبقى السؤال هل تعود؟ هل أتّخذ قرارات مجنونة خلال الفترة القادمة وأدمّر سنين من العمل؟ وأوقف الكثير من الأمور فقط لأنها تُشتتي؟ لستُ أدري لهذا أنا أكتب.
في النهاية
الحياة ليست إلا مجموعة من الاختبارات والتجارب التي تقودنا في نهاية المطاف إلى الرحيل إلى عالمٍ آخر وإرث يبقى هُنا في هذا العالم، فما هوَ إرثك؟