(1)
سؤال البقاء “مَتى نَنْتَقِعُ مِنْ عَذْبِ مائِكَ فَقَدْ طالَ الصَّدى” وسؤال الاشتياق “أين استقرّت بك النوى؟” وسؤال الحب “اَتَرانا نَحُفُّ بِكَ وَاَنْتَ تَاُمُّ الْمَلاَ؟” وستبقى الأسئلة تدوّي في كُل حين لا كُل جمعة، متى نمسح الشتاء من فوق أعيننا؟ متى نحارب الصحراء التي سكنت قلوبنا؟ متى نناديك “يَا بْنَ الاْطائِبِ الْمُطَهَّرينَ”؟ متى “نُغاديكَ وَنُراوِحُكَ فَنُقِرَّ عَيْناً”؟.
في ميلاد الحُجّة بن الحسن (صلوات الله عليه) لا بُد وأن تتجسّد الأسئلة، وتُحسُّ بشكلها المُختلف، “فمتى وأين ولماذا وإلى أين” أدواتنا لاكتشاف الحقيقة المُطلقة، لمعرفة سرّ الفوز والنجاح، في ميلاده يتجلّى العشق الذي لا نهاية له، ذلك الذي تشكّل في عالم الذّر، نشتاق لتحيّة واحدة تُلملم شتاتنا، تُضمّد جراحاتنا، فإننا شعبٌ يؤمن بالقَدر والقدرة.
(2)
نُطالع النجم، نبحث عن لحظة “إذا هوى”، نبتكر الحُروف بحثاً مُزمناً، نرفع في مُدن قلوبنا راية “البيعة لله”، نستفيق صباحاً ونعاود “العهد”، ننطقه كما وأننا نمارس اللغة للمرّة الأولى، نكتشف الكلمات بالتجربّة، نضرب على أفخاذنا ونتعرّف على إحساس الفقد مُجدداً، وفي كل ليلة نسافر لنغرف من “زيارة عاشوراء” كنوزاً مُذهلة، وفي كُل جمعة نمارس “الندبة” علّنا نجد ما نبلّ به الصدى.
في ميلاد الحجّة بن الحسن (صلوات الله عليه) نعود إلى الفِطرة الأولى، إلى لحظة الميلاد، إلى بداية الأشياء، نعود إليه، لأننا من “فاضل طينته”.
(3)
شُطآنك الرحيمة، متى تحطّ أرواحُنا على رمالها، ما بين العطش والسراب مُعلّقين يا عبير الرحمة، أعمارنا ذبلت، تسرّبت، جفّت، كُلٌ كما صرف الوقت، أرواحنا العصافير المُترنّحة لا تعرف إلا أنّ تعشق الجَمال، ذائقة الأرض تُشير إلى عطفك وحلمك يا ثمرة الانتظار.
ونكون كما لا نحن، نتطوّر، نكون شيئاً جديداً مبتعدين كلّ البُعد عن هذه اللحظة.