ستبقى شعائر الإمام الحُسين (عليه السلام) مصدر وجداني عميق، فبقاء عاشوراء الإمام الحسين (عليه السلام) حيّة نابضة غير منسيّة كيوم الغدير على سبيل المثال، هيَ كمية التضحيات والشعائر التي تُقام في مثل هذه الليالي، فِكر الإمام الحُسين (عليه السلام) بقيَ حياً طرياً محمياً بهذا الكم العاطفي الذي يُحيط به، انطلقت الشرارة الأولى من تلك اللحظة التي كان يتحرّك فيها المولى (صلوات الله عليه) اتجاه الأنصار المقتولين في ساحة الموت (كربلاء)، تلك اللحظات الأولى لتأصيل زيارة شهداء الطف.
مسرح الأحداث: قُرب نهر الفُرات. الأبطال: من كُلِ فجٍ عميق. باعوا الأرواح لله، نذروا الأجسام لخدمة ابن بنتُ النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله). الحبكة: سقطوا مُبعثرين مُشتتين بعد اجتماع، مقتولين بغدر الفجّار، هُم شُركاء في حُب الحُسين (عليه السلام) شُركاء أرض الغاضرية، هُم من ذاب في عشق الحُسين (عليه السلام) حتّى أصاب بعضهم الجنون –العقلانية المُطلقة- فكان منهم من يبكي ليلاً خوفاً من فراق من تحلّقوا حوله، ومنهم من يضحك ليقينه المُطلق بأنهم مُلاقيه في الدار الآخرة تلك المُلاقاة الأبدية التي لا نهاية لها، ومنهم ابن عوسجة الذي أوصى ابن مظاهر “بهذا الغريب”، فريقٌ لا شبيه له. “فرسان الصفا، وأبطال الهيجا”. سقطوا وفيهم عابس، سقط بعد أن أعطى الحياة درساً في كيفية الموت. مِنهم نتعلّم كيف نرحل والحُسين (عليه السلام) راضٍ عنّا، منهم ننطلق لنُكوّن (الأجيال) التي تقود ركب الخدمة الحُسينية.
“والله ما رأيت أصحاباً كأصحابي” هُم جامعة مُتكاملة، عالمية الهوى -ما قبل عاشوراء الحُسين- وفي ذلك اليوم اتحدت الأهواء وتلاقت الأرواح مُجدداً بعد افترقت في عالم الدُنيا، تلاقى من كان مُخالفاً لنهج الإمام الحُسين (عليه السلام) مع من كان يرمي التُراب الذي يمشي عليه سيّد الشهداء (عليه السلام) على رأسه تبرّكاً وحُباً، صار فريق الأضداد فريقاً واحداً مُتكاملاً، فمن كان مسيحياً أسلم وآمن، ومن كان عبداً صارَ بالحُسين (عليه السلام) حراً عظيماً نُسلّم عليه ليل نهار، فُقهاء عُظماء، عرفهم التاريخ بأنّهم “أنصار الحُسين” صارت شهادتهم مضرب مثل لا ينضب معينه.
ومن روائع ما كُتب عنهم، هذه الأبيات الخالدة:
قوم إذا نُودوا لدَفْعِ مُلِمَّةٍ ** والخَيل بَيْنَ مُدَعَّسٍ ومُكَرْدَسِ
لَبسوا القُلوبَ على الدُّروعِ وأقبلوا ** يتهافتون على ذهابِ الأنفسِ
نَصروا الحُسَيْنَ فيا لهم مِن فِتْيَةٍ ** عَافوا الحَياة وأُلبِسوا مِن سُنْدُسِ
××
الأمر فطريّ جداً .. لا تلومونا.
السلام على أنصار الإمام الحسين
السلام على أصحاب سيد الشهداء
مأجورين