السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إليكَ بُني عبّاس ،.
ستصل إلى عالمنا المؤقّت قريباً، ستصل وبيدك تُمسك بما تبقى من خير في نفوس البشر، تبحث عن الأخيار بين ملايين الأشرار، صغيري الغالي أكتب لك هذه الكلمات لأنني أعلم بأن الحياة الدُنيا تمتلك يد غليظة، ما إن تصفعك حتى تجد نفسك وحيداً تقاتل كُل شيء ووقت واحد! لا مثيل لضربة الحياة المباشرة على الرأس، انتبه وكٌن حذر فلا شيء هُنا في عالمنا كما هُوَ، كل شيء يخبئ حقيقته خلف قناعٍ وهميّ لطيف.
حبيبي الغالي عبّاس، قبل أن تصل دعني أكتب لك عنّا نحن، عائلتك الصغيرة، أنت يا صديقي تمتلك أماً عظيمة، أعادت تعليمي فنون الحياة بعد أن افتقدت الكثير منها خلال زحفي على الأرض القاسية، أمك يا عضيدي هيَ من حملتك ٩ أشهر كاملة بك، تبحث عن راحتك في كل خطوة تنتظر منك الكثير لأنّها تُحبّك وتبحث لك عن الأفضل في هذه الحياة، كما أنك تمتلك أخ فريد من نوعه، مشاغب بعض الشيء، مبدع ومبتكر، ويخرج الأصوات بشكل مميّز جدا، كما أنني أمتلك احساساً عظيماً حول تعاونكما في المستقبل القريب، يا صديقي كُلي ثقة بأنّك ستعرف معنى الصداقة والأخوّة والحب برفقة علي الأخ الذي وصل إلى الدنيا قبلك، كما أنّك تمتلك أب يكتب في منتصف الليل رسالة لك! أب تجرّه الكتابة إلى محيطها في كل حين.
يا روحي الأخرى حياتنا قاسية، الفتنة فيها مشتعلة ولا نمتلك علامات حول موعد انطفاء نيران القتل على الهوية، لا نمتلك عصاة سحرية، فكل ما نمتلكه يا صغيري الباحث هو كلمات النبي الأعظم مُحمّد (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) فكلماتهم نور في الظلمات ونجاة من مهلكات الزمان، بُني انتبه .. في زماننا الكثير من مُدّعي العلم، تجنّوا على الرسول الأعظم وأهل بيته (صلوات الله عليهم)، فحرّفوا الكلمات وفسّروا بالأهواء واختاروا الانصياع للأموال التي تبني الدمار في كُل عقلٍ من العقول إذا ما أسيء استخدامها، كُن باحثاً عن العُلماء الأبرار، الذين صرفوا أعمارهم في الدراسة والعلم، الورعين الذين يغيّرون الحياة بكلمة واحدة من كلماتهم التي نبعت من قلوبهم التي تشرّبت حُب مُحمّد وآل مُحمّد (صلوات الله عليهم).
بُني عبّاس كُن من الذين يقيمون الشعائر الحسينية في كل حين، فكُل العلامات التي تشير له، هي نجاة هيَ حياة كريمة، هي عزّة وانتصار، حبيب قلبي لا تنس أحبابك وأنت تقيم الشعائر الحسينية وتذكّر أن أنهاراً من دماء الأحرار سالت للحفاظ على نهج النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولا تفرّط بهذه الدماء عبر الاستهانة بعمل ما يخص أهل البيت، صديقي الوفيّ اعلم بأننا اخترنا لك اسماً عظيماً مُلهماً، اسم بطل من أبطال بني هاشم، اسم حامل لواء الإمام الحسين (عليه السلام)، اسم قمر العشيرة، اسم ساقي عطاشى كربلاء، أبو الفضل كُلّه، أوفى الأوفياء، العباس بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، اسمٌ ثقيل له صولات وجولات، يحمل في طياته شجاعة حيدرية، استلم بُني من اسمك كُل معاني الاخلاص، وكل أشكال العطاء، فالاسم الذي تحمله يحتوي على أسرار وطلاسم عظيمة.
طفلي الجميل، لن أبقى لك طول الدهر، هي أيام معدودة عند مليك السماء، وفي كُل هذه الأيام دعني أقول لك، أحبك؛ بعدد نبضات القلب، أحبّك؛ بعدد أوراق الكُتب، أحبك؛ من قبل أن تصل وإلى أن أرحل.
والدك، صديقك، حبيبك
حسين مكي المتروك