خواطري

غُربة موسى

منذ عام وأنا أشعر بالغربة وهيَ تُمزّق قلبي، وكادت ذات مرّة أن تصلبني فوق صدر الأرض، أحياناً أشعر أنّها الجزء الأكثر وحشية فينا، إنها غُربة البقاء بعيداً عن المحبوب فترة غير معلومة، وكأنّ الوصال مُعجزة قد لا تحدث مُجدداً، كالضياع الذي يتغلغل بين أطرافنا ويصيبنا بدوّامة الذكريات، الذي بدوره يداعب الأنين والوجع، منذ عام وفكرة الهرب من سجن الجسد تراودني، تداعب خيالاتي، فكرة الانفصال والهرب إلى تلك العوالم في ذلك الماضي البعيد عنّا بضع مئات السنين، أبحث فيها عن سميّ فالق البحار، حفيد عليّ الكرار، موسى بن جعفر.

فحتماً ستشرق صباحات جديدة ترسم ملامح فجر لم نُشاهد له نظير، ففي حضرة موسى تسقط كلّ اعتبارات الحُزن والجُنون، وتحتار كلّ الآلام، وما إنّ يجنّ الليل جنونه ويقتادنا للإنصات لهمسه المتهدّل من نجمةٍ ساطعة، حتّى تُشرق أشعّة الشوق، أشعّة توغر يداها في جراحاتنا وتعمّق رغبتنا في الرحيل إليه، إلى عالمه الجميل، عالمه الذي تتحدّث فيه الدمعة بلغة العارفين، وتجهّش الحيطان لقيدٍ ملطّخٍ بالدّم، إنه عالمُ موسى.

وأمارسُ طقوس البُكاء في لحظات مجنونة، أشعل بعض الشموع وما إن تبدأ بالذوبان، أسكبها بين يدي، وأطلق صرخات كأنّها عزفٌ وأواصل الصراخ علّني أقتلع روحي لأبعث بها لتداوي جراح سلاسل الطاغوت التي  طوّقت يد موسى وأتدثّر بدفء اسمه بحثاً الهدوء، زفراتي اشتياق وشهيقي احتياج، كالمجنون أهيم بين العوالم علّي أجدني في عالم موسى، أتكئ على بابه أبحث عن كسرة خُبز من حنانه، فجوعي استبّد وسيطر على روحي، وأطرق تلك الأبواب التي طرقها موسى، وأقبّلها وأصنع منها مُتحفاً لأحزاني القديمة، ولا أضيّع أوقاتي إلا في البحث عن دمعة ارتشفت جزءٌ منها الأرض، هذه المجنونة التي تبتلع كلّ شيء! وتغذّي غرورها بالاغتيال، إنها دمعة حبيبي التي تهب الحياة وتُهدينا شمساً جديدة.

ثأر موسى (ع) لن يهدأ في صدر الأمّة، فالسّم والسجّاد والقيد والرمال، كلّها شهود صدق، ستتحقق عدالة الرّب في قتلة إماميَ وحبيبي موسى بن جعفر الكاظم (ع) حتّى وإن طال الأمر، سيؤخذ ثأره بيد من يُصلّي خلفه عيسى (ع).

××

عظّم الله أجوركم جميعاً في ذكرى استشهاد راهب آل محمّد موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام، الذي قُتلَ في سجن (السندي بن شاهك) بأمرٍ من (هارون الرشيد) الملك العبّاسي.

××

هذه القصيدة من أروع ما سمعت في رثاء الإمام موسى بن جعفر في حياتي

httpv://www.youtube.com/watch?v=RTG0GR_8urY

httpv://www.youtube.com/watch?v=uPkEcFffSIM

نُشرت بواسطة حسين مكي المتروك

رأيان حول “غُربة موسى”

  1. Zahraa_Nadhem يقول:

    @HussainAlmatrok
    أحسّنت بقدرِ وجعِك لمُصابِ موسى بن جعفر الكَاظم .. 
    كلماتُ تصيب المء بالثُكل , جازاك اللّه بأخذ ثأر موسى مع منّ يصلي خلفهُ عيسى ,, 
    أحسنت ..!

  2. Name يقول:

    رابط القصيدة لايعمل

ضع تعقيباً ..