بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أبي الزهراء محمّد وآل بيته الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم إلى قيام يوم الدين
” صُراخنا ليس صامتاً كما يعتقدون!، بل نحن شعبٌ اختار الله له البُكاء والنحيب على الحُسين (عليه السلام)، ونُسمعُ الصخر الأصمّ صوت الدموع القانية، ألا تُشاهدون هذه العبَرات المُزدحمة؟!، أعمارُنا ستؤول إلى الأفول عاجلاً أم لاحقاً، لكننا خالدون بالحُسين عليه السلام فدموعنا ودماؤنا ارتوت منها الأرض وشيءٌ من السماء! “
س1- كيف تصل إلينا يا هلال المُحرّم؟
ناولني يدك أولاً، هاتها لا تخف، أصل إليكم عبر قميص مُمَزّق أحمر، وطريق مُعبّد هُرِسَت فيه جثث الأطفال والأيتام!، أنا والنجوم نتعلّق بالرياح، ونُزَف إليكم والطبول تُقرع بجنون موتى، ونشاهد رايات تُشيّد، سوداء لا حمراء!، وبعضها خضراء لا صفراء، والشمس شاحبة في الطرف الآخر من العالم، تُفكّر في الانكماش والهروب.
نُسقى بكأس من لحمٍ كُسَرت عظامه وطُحن واختلط بالرمال في عرصةٍ تُدعى كربلاء، ونرنو بأبصارنا إلى تلك البقعة النورانية.
س2- ألا تختفي؟
لا بل أسقي الأرض دمعاً، وأرويها حكايات، ألا تعلم يا حُسين، بأنّي أفتح أبواب نافذة الحُزن، وأُلقي شيئاً من دمعِ زينب على تلك المُدن والتلال والأرياف والوديان، وتمطر سماواتي بشيء من وجع؟ أواه .. ذكرتُ زينب!، ألا تعلم بأنني إذا اختفيت سيتوه طفلٌ مُمسكٌ بثوبه الذي امتلأ دماء؟.
س3- وكيف احتملت هذه الجُراحات؟
أنا كائن امتلأ نوراً شمسياً، ألتحف التمرّد، ففي كربلاء قمرٌ عفّرته الخيول، وقمرٌ سحقته السيوف، وقمرٌ نُحرَ رأسه ظلماً وطُغياناً، كلّهم سجّداً على التراب، وأنا أعانق السماء، فداءً لطفلٍ يبحث عن ضياءً ليهرب من ظُلم نارِ المُخيّم.
س4- وزينب!، ألم تُفكّر كيف ستستر وجهها من نورك؟
أخبرتُك مسبقاً، أوّاه .. ذكرت زينب، تلكَ التي أهدت قُبلة ودماء للسماء وصاحت “إلهي تقبّل منّا هذا القربان” ولم تسقط أبداً، بل زلزلت عروش الطغيان، أمّا أنا فإني رجوت ربّي الرحمن أن يُلهمها غطاءً من نور!، أو غطاءً من طين، فهي زينب بنت علي (عليها السلام)، هل تدري يا حُسين بأنّها شاهدت خيولاً عربية تدرّعت براية الإسلام وهي تسحق الأطفال وكلّ شيء حتّى الصخور والخدور!، كُلّ ما شعرت بأنّها تبحث عن ستار صرختُ في وجه الغيوم الحائرة لتقف ها هنا فوق جسد الحُسين (ع) لأنّ زينب ها هنا الآن.
س4- على عادتك هارب من الإجابات، لكنْ السؤال الآخر وأتمنّى إجابة، لماذا تحضر في كلّ عام يا هلال؟
أومضُ في كل عام بلحنٍ من شجن، وأعلن حالة الحداد العام، فكلّ المأموريات وكلّ الحارات تسقط تحت سطوة الحزن الكربلائي، وأدثّر الكون بعباءةٍ سوداء تُغرق كُل فَرَح، وكلّ سعادة مغروسة في شهقات الأرض!.
أحضر لأروي لكم التاريخ في كل عام، لأصنع لكم مأتماً عظيماً يهزّ الجبابرة، وفي كل عام أكتبُ الرحيل إلا أنني أبقى عاشقاً ناكثاً للعهود!، فالساعات تُشنق ولكنْ الحُسين باقي على مرّ العصور، وأنا مُحب لا يقدر على الصمت من غير الأنين!.
س5- وإلى متى؟!
إلى أن يأمرني الرّب بالاختفاء، وأقبّل جبين الشمس وألوّح للغيمات الساهرات الراحلات.
س6- هل سُقيت أرض كربلاء من مطر الغيوم؟
في ذلك العام 61هـ لم تُسقَ إلا بالدماء، فكانت الدماء تغوص في أعماق الأرض لتخرج من فوّهة بركان وتعانق الغيمة السمراء لتعطيها لوناً دموياً غاضباً، ومن شدّة النزف والعزف!، غادرت الدماء الغيوم ونسجت لنفسها ثوباً من السماء بخيوطٍ من نور في كل يومٍ تنزف شيئاً من ألم، صباحاً ومساء.
س7- كلمة أخيرة يا هلال المُحرّم.
لعلّي آتي إليكم في العام القادم أجرُّ معي راية لم تعهدوها يا أبناء آدم الجُدد، تحمل أسراراً وخبايا، لعلّي أهرب وأعود لكم دون أن تتعرّفوا عليّ، ففي كل عام يُصبحُ ظلّي بعيداً عن ضلعي!، لعلّي ألطّخ عقولكم ببقايا مَنحوتةٍ نُحتت في عالم النور الأزلي، وكل عام وأنتم تبكون زينب، يجب أن لا تنسوا “ألا بذكر زينب تبكي العيون”.
××
أنا الذي أهدي أوراقي ماءً من أحداقي!
الله يا شهـر المحرم مـا جرى فـيه على آل الـوصي الانـزع
الله من شهر اطـل على الورى بمـصائب شيَّبن حـتى الـرضع
آجركم الله
دموعٌ ..
امتزجت بالـ حزنِ والـ ألم ..
..
دموع .. من حزنها .. تقلبت ألوانها ..
فـ تحولت لـ شيء يشبه الدم ..
..
بدأت ..
مع هلال الـ شهر الـ محرم ..
..
وسـ تبكي الدموع ..
وسـ يبكي البكاء ..
..
سـ تبكي الأرض ..
والماء ..
..
سـ تبكي السماء ..
..
وسـ يبكي كل خَلقٍ .. ‘ طاهر ‘..
لما جرى .. في أرض كربلاء ..
..
حيّ على الحسين ، حيّ على زينب
قد قآمت عآشورآء
:
أتى هلآل محرم ، و أتى معه الحزن
لِ يعلن على الوجنآت دموع لآ تنتهي
دموع تروي أرضاً و سمآء
دموع بِ اسم الحسين ( ع )
:
آجركم الله ،