بسم الله الرحمن الرحيم
الكتاب / مئة عام من العزلة
الفئة / رواية
المؤلف / جابرييل غارسيا ماركيز
المترجم / محمود مسعود
دار النشر / دار العودة بيروت
عدد الصفحات / 206 من الحجم المتوسط
إن لم تكن قرأت هذه الرواية أنصحك بعدم قراءة ما سيكتب أسفل هذه الكلمات ، بالطبع إن كنت راغباً في قراءتها .. !
في بداية الرواية اعتقدت بأني أقرأ سيرة إنسان واحد ألا وهو ” أوريليانو ” و لكن فجأة أصبحت في بيته و مع أبيه على وجه الخصوص ” جوزيه أركاديو ” و من هنا تتبعت ما كان يفعله الأب و لكن و فجأة و دون سابق إنذار ظهرت أمامي .. ألعاب الغجر و سحرهم الرائع في عصره ! فقلت يبدو إن هذا الكاتب يحب أن يتلاعب بي .. فاستكملت و فجأة ! عرفت بأني أقرأ ” مئة عام من العزلة ” .
رواية رسمت لي الكثير من الأفكار المختلفة ففيها كما نقول في الكويت ” السكوتي لوتي ” فقد يتحول هذا الإنسان الساكن إلى شلال غضب هادر لا يمكن ردعه بأي قوة كما كانت مع ” أويليانو الكبير ” الذي أصبحت فجأة بعد عزلته لقائد قوات المتمردين في الإقليم ! ، أو مع ابن أخيه ” أركاديو ” الذي أصبح أبشع من أي مخلوق فبدأ بتطبيق النظام العرفي في الإقليم الذي يعيشون فيه .. ! .
كما إن المؤلف اخترق جميع الجهات فها هو يُدخل العرّافات و سحرهم و يدخل الأمومة و الحنان و لم الشمل .. بل و أقسى من ذلك ! ، العقوق و الكفر و الزندقة حيث يتزوج إبن الأخ خالته ! ، الرواية لمن لا يجيد ربط الأحداث غير جميلة ففيها الكثير من الشخصيات التي تفنن الكاتب في صنع حالاتها المنفردة كما إنه كان لا يهاب أن يقتل أكبر شخص في الرواية أو حتى السيدات الجميلات ! ، فكان يتخلص من الشخصيات كما هي الحياة .. تخلص من البشر بسهولة و بدون أي مقدمات ، و تترك لهذا الإنسان البكاء و الويلات لما هو قادم ! ، كما إخترق حاجز الجمال و روعته و كيف يموت المحبين لأجل العشق فقط ! و اختار طريقة مميزة لإفناء القائد الأعلى للمتمردين من الحياة ! .. و تدور دائرة الحياة إلى الفناء في لحظة ما .. بنفس طريقة البداية و بحكمة من ” مالكويداس ” .
نعم كما هي الحياة أوجزها لنا ” جابرييل ” في مدينة [ ماكوندو ] التي صُنعت من لاشيء إنما طاقات الشباب ، و أفنيت بالمجون و الكفر و حب الدنيا بـ الشباب ! ، و صارت هذه المدينة هي من تغنّت فيها العزلة بمفردها بدون أي رادع ! .
في لحظات قراءتي لهذه الرواية أحسست بأني أقرأ الحياة فعلاً ، فالدائرة دوماً تدور و اعتقدت بأني أقرأ الرواية بشكل سليم و أمسكت بالخيط ” الأم أورسولا ” و لكنها أيضاُ تموت ، هذه الأم التي كان لها دور جبّار في المحاولة لتحسين أوضاع الحياة في المدينة و أوضاع ” البيت المجنوم ” الذي كان فيه الكثير من طرق الحياة الغريبة ، ففي منزل واحد و على إختلاف العصور شاهدت هذه الأم .. الفقر و العلم و الجهل و المجوهرات و الذهب و الكثير من الجنون الغريب .. فهي شاهدت إبن الحرام يترعرع و شاهدت إبن الحلال يطغى ! و تنعكس الآيات فجاة ! ، و لكنها لم تشاهد قمة ” الزندقة ” و المولود الجديد بذيل الخنزير ! .
رواية أنصح بقراءتها لمن يحب أن ينظر من منظور جديد لهذه الحياة ، و رؤية العالم كله موجز في قرية ! أو حتى أحيانا في بيت أو غرفة ! ، ففيها من السياسة ما فيها و فيها من الحب و الغرام ما فيها و فيها من الأمراض البشرية ما فيها .
عرض جميل
تسلم ايدك